لم يعوّض الحضور النيابي الكثيف (98،5%) في الإستشارات النيابية الملزمة غياب قطبين نيابيين ميشال المر بداعي التقدم في السن ( 89 عاماً) وعطوفة المير طلال إرسلان بداعي الإنتفاخ السياسي.
فعلها المير وقاطع.
غاب أرسلان عن مشهدية بعبدا مكتفياً بإيفاد نواب كتلته الرباعية المسماة “ضمانة الجبل” المؤلفة من الدكتورين ماريو عون وفريد البستاني وسيزار أبي خليل الذين يعبدون رئيس كتلتهم ولا يقطعون خيط قطن إن لم يأذن المير بذلك. ولاء أعمى. الثوب الذي يفصّله المير يلبسونه. على كل حال لا يطلع المير بمواقف إعتباطية كيفما اتفق ويعتبر نفسه أكبر من أن يجالس أياً كان. الجميع ذهبوا إلى إيمانويل ماكرون في قصر الصنوبر مرّة ومرّتين للإطلاع على المبادرة الفرنسية وسماع الموقف الفرنسي. المير كان واضحاً: اللي عاوز التاني بيجي لعندو. يتصرّف مع ماكرون كما يتصرف مع بوريس جونسون كما مع أنجيلا ميركل. قصر خلدة مفتوح لكل الرؤساء الأجانب ولكل وزراء الخارجية، لا يتحرك المير من القصر إلّا إذا استُدعي إلى قمة ثنائية مع سيادة الرئيس الأسد.
يحق للمير أن يتكبّر قليلاً، فهو دعم كتلة التغيير والإصلاح بثلاثة نواب موارنة من عنده، كل واحد منهم بيسوى دموع العين، إذ ترك في انتخابات العام 2018 لأكرم شهيب مقعداً درزياً في عاليه بناء لوساطة من وليد جنبلاط، وفي انتخابات الـ2009 سمح المير لأكرم بأن يتخطاه بـ13 ألف صوت، لماذا؟ حتى يحط على عينو. إنتو أكرم من مين؟ وشكل لائحة من أربعة كانوا يجتمعون دورياً مرة كل سنة.
في انتخابات العام 2005 النيابية، وفيما كان الانتصار الكاسح يلوح أمام “ضمانة” العيش المشترك، وفي منتصف يوم الانتخاب، تمنّى أرسلان على مناصريه أن يصوّتوا للّائحة المنافسة، ولاحقاً تبيّن أن دول عالم الإنحياز طرحت اسم المير طلال لخلافة كوفي عنان، وعلى هذا الأساس أراد المير التفرّغ، أقلّه لسنة، لدراسة أزمات الكرة الأرضية، لكنه عاد ودعم بان كي مون. توسّم المير فيه خيراً.
وفي العودة إلى الإستشارات، ثمة اتجاه للطعن في ميثاقيتها، فغياب القطب الدرزي طلال إرسلان أفقدها مشروعيتها وأوقع سعد الحريري في مأزق حقيقي. فعلها المير عن تصوّر وتصميم سابقين. عقدة باسيل قابلة للحل. جوع رئيس الجمهورية، شريك النصف في التأليف، لالتهام المقاعد المسيحية يُعالج بقسمة عادلة للجبنة. “سلبطة” ما يعرف بالـ”الثنائي الوطني” (الشيعي سابقاً) يواجهها الحريري بتفهم وتفاهم، لكن ماذا سيفعل حيال غضب المير ومقاطعته لاستشارات عين التينة وقدرة الأخير على خلط الأوراق الإقليمية والتسبب بحرب بين إيران وأميركا إن واصل تصعيده؟
لا يُحسد سعد الحريري على هذه الورطة مع المير طلال.