الكاردينال الراعي كان في أرمينيا، بطريرك الانسانية، لا بطريرك الموارنة.
وقوله من يريفان إنه ما كانت لتحصل مجازر في الهرسك وسواها، لو عاقب العالم ما فعله العثمانيون بالشعب الأرمني.
ومئوية الإبادة التركية، درس لا يُغتفر ولا يُنسى.
فعلها، في الوقت نفسه، في العام ١٩١٥، جمال باشا السفّاح، في بيروت وعاليه.
يومئذٍ، علّق السفّاح العثماني، أبطال الحرية والاستقلال، في بيروت وعاليه.
ويوم كان باشاوات الدولة العثمانية، يبيدون الأدباء والعلماء والشعراء، كان العالم كله ضد هول المجازر.
وإبادة مليون ونصف مليون مثقف أرمني جريمة لا تُغتفَر.
كما ان تعليق سعيد عقل والمحمصاني والرفاق الاحرار على أعواد المشانق، جعل منهم، على يد جمال باشا، رسل حرية وبطولة.
***
وفي الوقت نفسه، قال مفتي الجمهورية اللبنانية العلاّمة دريان، من ألمانيا، أن رئيس الجمهورية المسيحي، هو رئيس لبنان الواحد.
وقول سماحته في برلين، شبيه بتعابير نيافته في يريفان.
ذلك أن تهجير بعض المسيحيين، من بعض الدول العربية، هرطقة سياسية، لا ممارسة دينية.
هكذا كانت الأحقاد العرقية، قبل مائة عام.
لا الأرمن أُبيدوا لأنهم مسيحيون، ولا المسيحيون يُبادون الآن لأنهم ليسوا مسلمين.
***
من هنا، قول مفتي الجمهورية اللبنانية في برلين، إن رئيس لبنان المسيحي، هو علامة حضارية.
وإن المسيحيين والمسلمين يعيشون تحت سقف التنوع.
ويتعايشون في رحاب الايمان بالله.
لا الاسلام يقر بما فعله العثمانيون.
ولا المسيحيون كانوا يوماً في مجافاة مع الانفتاح والسلام.
***
طبعاً، لا بد من وجود أغراب عن هذه المفاهيم.
لكن الغربة تظل غريبة عنهم،
… وملهمة للأحرار والأسياد، لا للطغاة.
كان المفتي الشعار يقود المؤمنين في العاصمة الثانية، نحو التقارب.
ويرفع الشعار بالتقارب الواحد، في وجه النائب بقرادونيان القادم الى طرابلس، بمحبة وانفتاح، ليؤكد الأمين العام لحزب الطاشناق، أن طرابلس والميناء كانت مدينة السلام وحاضنة المسيحيين والأرمن خصوصاً، في قلوب مفعمة بالمحبة، ومؤمنة بالتآخي والسلام.
كان الشاعر علي محمود طه يقول بصوت محمد عبد الوهاب، انه على شان الشوك في الورد، يحب الورد.
ولولا الأشواك لكان بإمكان المرضى أن يقطفوا الورد!!
كان طه حسين عميد الأدب العربي، يردد بأن التنوع، هو ما يميز العرب عن سواهم.
من أجل هذا كان وزير المعارف في مصر، يتشاوف بأنه أديب لا وزير.
وعندما كان يُسأل عن سبب ذلك، يردّ بأن الوزير هو لقب، وان الأديب هو موهبة لا تتوافر عند أي كان.
من أجل ذلك، كان كلام الكاردينال في أرمينيا، وكانت تعابير المفتي دريان والمفتي الشعار خارج النشاز الذي يشوب الحضارة الانسانية أحياناً!