توقيع مرسوم دعم الصادرات.. و12 توقيعاً لـ «الدورة الاستثنائية»
نقاش دستوري حول الصلاحيات يطيح جلسة مجلس الوزراء
خرج مجلس الوزراء، في جلسته أمس، بعد شهر من الانقطاع، بقرار واحد هو دعم تصدير المنتجات الزراعية بتحمّل الدولة كلفة الفارق بين النقل البري والنقل البحري وقيمته 21 مليون دولار، لكنه دخل في نفق مظلم من النقاش الدستوري والفقهي والسياسي حول آلية عمل الحكومة دستورياً استمر كل وقت الجلسة، فلم يتمكن من الاتفاق على توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، مع أن عدداً من الوزراء وقع المرسوم، وامتنع وزراء الفريق المعترض على بحث أي بند غير التعيينات الامنية عن التوقيع، وانضم اليهم وزراء «الكتائب» الثلاثة بحجة أولوية انتخاب رئيس الجمهورية قبل التشريع، وكان اللافت تحفظ وزراء «اللقاء التشاوري» المستقلين ايضاً (خمسة وزراء) عن التوقيع لحين تبيان بعض التوضيحات الدستورية، فرفع الرئيس تمام سلام الجلسة من دون أن يحدد موعداً لجلسة جديدة.
وقد بدأت الجلسة بعرض المراسيم الواجب توقيعها من الجلسات السابقة، ومنها مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، فوقع بعض الوزراء عليه، وامتنع وزراء «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» و «اللقاء التشاوري» الذي يضم وزراء الرئيس ميشال سليمان: سمير مقبل وأليس شبطيني وعبد المطلب حناوي و «الكتائب» ألان حكيم وسجعان قزي ورمزي جريج، وبطرس حرب وميشال فرعون. وأوضحت مصادر «اللقاء» أنهم تحفّظوا مؤقتاً عن التوقيع لحين توضيح بعض الجوانب الدستورية مثل كيفية ممارسة حق رئيس الجمهورية في ردّ المشاريع والقوانين.
وعلم أن عدداً من الوزراء بقوا في السرايا لوقت طويل للتوقيع على المراسيم العادية وعددها نحو 130 مرسوماً، وجرت محاولات لجمع تواقيع أكثرية الوزراء على مرسوم فتح دورة استثنائية فلم يحصل ذلك، وذكر بعض الوزراء أن الوزير علي حسن خليل كان مستاء لأنه لم تجمع تواقيع كافية للمرسوم، وتحدث مدافعاً عن ضرورة توقيعه نظراً لضرورة إقرار مجلس النواب عدداً مهماً من القوانين.
وتحدث الرئيس سلام رافضاً بشكل ضمني مضمون الكتاب الذي وجهه إليه وزراء «التيار الحر» وأبلغوه فيه رفضهم طرح أي بند في الجلسة غير بند التعيينات وعدم إشراكهم في القرار بغياب رئيس الجمهورية، واعتبر أن هذه الصلاحية هي صلاحيته فقط و «هذا الكتاب هو سابقة سياسية ودستورية لا ولن أقبلها».
وهنا جرى نقاش مطول حول آلية عمل الحكومة والصلاحيات بغياب رئيس الجمهورية، فرفض الوزراء المسيحيون في «التيار الحر» و «الكتائب» المسّ بالآلية، وكرر وزراء «التيار» موقفهم من موضوع المشاركة وتهميشهم في اتخاذ القرارات، فرد سلام قائلاً: «إن هذه البكائية في غير محلّها، كيف تقولون إنكم مهمّشون وأين تضيع حقوقكم، بينما أنا متهم أني لا أمرّر شيئاً من دون موافقتكم، وخلال 18 شهراً من عمر الحكومة لم ارفض لكم أمراً؟!».
فطرح وزراء التيار موضوع الإجماع في اتخاذ القرارات لا سيما حول مرسوم الدورة الاستثنائية، فرد الوزير نهاد المشنوق: «كيف تريدون الإجماع حول هذا الإجراء، وتريدون اتخاذ قرارات لا نوافق نحن عليها؟». ورفض الوزير ألان حكيم باسم وزراء «الكتائب» السير بهذا المرسوم.
وأدلى الوزير وائل ابو فاعور بمداخلة وصفها الوزير أشرف ريفي بالقيّمة والواقعية حول المخاطر التي تحيط بنا، مفادها: «ماذا تنفعنا صوابية الآراء الدستورية إذا سقط البلد؟».
وقال الوزير ريفي: «خيراً فعل الرئيس سلام باتخاذ قرار دعم التصدير الزراعي والصناعي، ونشدّ على يده بإخراجنا من دوامة الجدل البيزنطي الذي يمكن ان يقود البلد الى انهيار. وكأننا امام مشهد بيزنطية، نتلهى بالنقاش حول جنس الملائكة بينما البلد يحترق والأعداء يحيطون به. نحن مسوؤلون عن حماية البلد وعن مصالح الناس».
وجرى طرح موضوع التعيينات الأمنية، فقال الوزير بطرس حرب إنه أمر يخص وزير الدفاع وهو يقرّر، وهو الآن يقول إنه غير جاهز. وانتهى النقاش بفرض الرئيس سلام بند دعم الصادرات الزراعية، ووقعه الوزراء ما عدا المعترضين، فقال سلام: «سجّلوا اعتراضكم».. وغادر الجلسة.
بو صعب: الحلّ خارج الحكومة
أمّا خارج قاعة الجلسة، فقد خرج وزير التربية الياس بو صعب باكراً من الجلسة، فأكّد «أنّنا من غير شراكة حقيقية ليس ممكناً أن تسير الأمور، وهناك مجال لنتفاهم ونتواصل عندما نقتنع بشراكة حقيقية، ولا يكون هناك عقلية إلغاء»، مشدداً على أنّ «التشريع في مجلس النواب يلزمه تفاهم، لأنه أيضاً ضروري، والحل يكون بالسياسة بشكل شامل خارج مجلس الوزراء».
وقال: «لا توجد آلية واضحة في الشغور الموجود بغياب رئيس الجمهوريّة. وبالتالي، ما هو دور الوزراء وكيف نستعمل نحن صلاحية رئيس الجمهورية؟ وقد قال البعض إنه بغياب رئيس الجمهورية هذه الصلاحية فقط لرئيس الحكومة، هذه هي المشكلة الأساسية».
ورأى بو صعب أنّه «لا يمكن أن يُقال لنا إنه إذا كان رئيس الجمهورية موجوداً كان به، وإذا لم يكن موجوداً فيجب أن تتعوّدوا أننا نعمل من دون رئيس جمهورية، وأخطر من ذلك لا أنتم ولا غيركم يُمثل في الحكومة». وأشار إلى «أنّنا مصرّون على أننا في هذا الموضوع نتكلم باسم رئيس الجمهورية، لأن هذه الصلاحية معطاة لنا وفق الدستور في غياب رئيس الجمهورية»، مضيفاً: «أننا فوجئنا كيف يتم تغيير الآلية من دون مناقشتها».
ورداً على سؤال أوضح بو صعب «أننا مصرّون على أن لا قرارات اتخذت اليوم. ولا نعرف ماذا حصل في الحقيقة». ولفت الانتباه إلى أنّه «عندما نقول إننا نعترض فليس من مبدأ التعطيل، وإنما نعترض حتى ننتهي من البندين اللذين كانا لا يزالان عالقين، ولو كان رئيس الجمهورية موجوداً لكان أصرّ على البند الأول حتى ينتهي النقاش منه».
حرب: إشارة لانهيار الدولة
بدوره، شدّد الوزير بطرس حرب على أنّه «لا يمكننا أن نقبل بأن نسير بجدول الأعمال من قبل فريق تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله قبل البتّ بالتعيينات الأمنية».
وأسف لأن الجلسة أخذت منحى المواجهة «لأنّه كان هناك فريق متشبث غير قابل بأي صورة من الصور بالحوار، وهو أتى الى مجلس الوزراء لفرض رأيه على الأفرقاء الآخرين وعندما حاولنا إيجاد مخارج للقضايا المطروحة وجدنا رفضاً كاملاً».
واعتبر حرب أنّ «تعطيل مجلس الوزراء بالإضافة الى تعطيل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب في هذه الظروف، هو إشارة لانهيار الدولة وهذا أمر لن نسكت عليه»، داعياً «الفريق الذي يعطّل إلى تحكيم العقل وإلى تقديم المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية».