IMLebanon

نقاش قانون الانتخاب :  أين المعيار – الأساس ؟

من علامات البؤس السياسي أن يبدو النواب مسيّرين، لا مخيّرين، في مناقشة قانون انتخاب. ومن اشارات البؤس الديمقراطي أن يدفعنا الواقع المزري على المسرح السياسي الى التساؤل عن الجدوى من الاتفاق على قانون واجراء انتخابات نيابية. والظاهر أنه لا بأس في أن نصدق أمرين: أولهما ان القيادات والشخصيات والمرجعيات في الداخل والخارج تقرأ بعقول منفتحة، لا بعصبيات ومصالح ضيقة، رسالة التغيير أو أقله التمرد في الانتخابات البلدية. وثانيهما ان القراءة تقود، بالخيار أو حتى بالاضطرار، الى التسليم بصعوبة التمديد الثالث للمجلس العاطل عن العمل، ولو باختراع ظروف استثنائية وهمية أو متخيلة لتبرير التمديد كما في السابق.

لكن السؤال هو: هل هناك قرار سياسي باعداد قانون انتخاب جديد أم ان اللعبة تدار بالخلافات للعودة الحتمية الى قانون الستين من دون أن يتحمل المسؤولية أي طرف؟ وهل نكمل تعطيل الدستور منذ عامين للامتناع عن اعادة تكوين السلطة بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية بتعطيل الاتفاق على قانون للهرب من الأساس في اعادة تكوين السلطة الى اعادة انتاج السلطة في الانتخابات النيابية؟

مهما تكن الأجوبة، فإن الخلاف على المعايير في القانون هو هرب من المعيار – الأساس في أي قانون وانتخابات: التمثيل الشعبي السليم والصحيح. والمسيحيون ليسوا وحدهم من يفتقد هذا التمثيل. والمعيار المهم للتمثيل ليس مجرد أن يختار المسيحيون ٦٤ نائباً أو أكبر عدد منهم بأرجحية أصواتهم وأن يختار المسلمون ٦٤ نائباً من دون أن تكون لهم حصة من النواب المسيحيين. ففي قانون الستين والقوانين التي سبقته على الطريقة اللبنانية في النظام الأكثري، يصعب الحديث عن تمثيل سليم وصحيح لكل الطوائف. اذ تفرض الزعامات الخيار على الناس من دون أي مجال للتغيير ولو محدوداً. ولن يكون هناك عملياً أكثر من سبعة نواب ثابتين سواء خاضوا الانتخابات أو لا، ومع كل منهم ما تيسر من حشد نيابي.

والمطلوب في اللجان المشتركة ثم في الجلسة العامة قانون انتخاب وليس اعادة اختراع الدولاب. ولا حاجة الى هذا النقاش والدرس على مدى أربع سنوات. ففي الأنظمة الديمقراطية نوعان من القوانين: قانون أكثري بدوائر فردية أو صغيرة، وقانون نسبي بدوائر واسعة. ولا مهرب من أي منهما اذا كان الهدف هو التمثيل الشعبي السليم والصحيح. ولا مبرر لأن تبقى قوانين الانتخاب في لبنان على طريقة الأنظمة الشمولية السلطوية.