طرح أحد كبار المصارف اللبنانية في الاسواق منتجا ماليا، ليست له سابقة في لبنان أو في الخارج، خلق بلبلة في الاسواق، وامتعاضا لدى المصارف، وقلقا وتساؤلات في الاوساط الاقتصادية والاجتماعية حتى بات حديث البلد.
يقوم المنتج المالي على إيداع المستثمر اموالا بالدولار الاميركي في المصرف المذكور، لا تقل قيمتها عن عشرين مليون دولار لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات ويحصل مقابلها على فائدة سنوية نسبتها 5 في المئة إضافة إلى ربح فوري، اضافي، بالليرة اللبنانية، تتراوح نسبته بين 10 و20 في المئة من قيمة التوظيف.
يحمل المنتج المالي تبعات وأضراراً اقتصادية ومصرفية ومالية، مع الاشارة الى أن المصرف المذكور استطاع القيام بهذه العملية المالية بعد حصوله على أرباح استثنائية وضخمة من الهندسة المالية الأخيرة لمصرف لبنان، تظهر عبر:
ـ الاضرار بالاقتصاد المتهاوي اذ تشجع العملية المالية على الاستثمار الريعي والابتعاد عن الاستثمار المنتج لأن ربحية المنتج المالي يمكن ان تصل في السنة الأولى إلى 26 في المئة من قيمة الاستثمار ومن دون مخاطر. في المقابل، يواجه الاستثمار المنتج مخاطر وتحديات اقتصادية وسياسية وأمنية، جعلت اصحاب المؤسسات الاقتصادية يعانون مشكلات وصعوبات مالية، تهدد استمراريتهم وتدفعهم الى صرف آلاف الموظفين والعمال.
ـ الاضرار بالاستقرار النقدي اذ يسبب ضغوطا في سوق القطع نتيجة تحويل المستثمر او المودع الارباح الاستثنائية التي حققها من الليرة الى الدولار، مباشرة عبر المصرف المذكور او عبر مصارف اخرى اضافة الى ان الاموال التي استجلبت من الخارج مؤقتا للاستفادة من المردود المرتفع للمنتج المالي معرّضة للخروج عند الاستحقاق، اي بعد سنة او ثلاث سنوات، مع الارباح المحققة من العملية المالية ما يؤثر على احتياطات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية وعلى استقرار الليرة. كذلك تخلق العملية المالية قلقا لدى المودعين والمستثمرين ما يدفعهم الى الابتعاد لاحقا عن التوظيف بالليرة اللبنانية.
ـ الاضرار بالقطاع المصرفي، إذ إن هذا المنتج يخلق اجواءً من المنافسة غير الصحية بين المصارف بهدف جذب المودعين والمستثمرين، ما قد يسبب برفع معدلات الفوائد وينعكس سلبا على خدمة الدين العام والمالية العامة. كذلك يشجع المصارف الاخرى على طرح منتجات مالية مماثلة حماية لحصصها في السوق المصرفي بدلا من طرح منتجات اقتصادية تعزز النمو وتخلق فرص عمل.
ـ الاضرار بالهندسة المالية الناجحة والايجابية لمصرف لبنان اذ يطرح المنتج المالي تقاسم المصرف ارباحه المححقة من الهندسة المالية مع المستثمر ويعطيه امكانية تحويلها من الليرة الى الدولار ما يتعارض مع تعميم مصرف لبنان الرقم 428، ويهدد لاحقا الاستقرار النقدي. كذلك فإن العملية المالية تظهر ان بعض المصارف الكبرى لم تكن بحاجة الى ارباح اضافية واستثنائية لدعم رساميلها او تكوين مؤونات لتوظيفاتها المالية تلبية لمتطلبات المعيار الدولي IFRS9.
ـ بات المنتج المالي حديث البلد اذ يؤثر سلبا على الاقتصاد وعلى ثقة المودعين بعملتهم الوطنية. لذلك، بات واجبا على السلطات النقدية التحرك للحدّ من هذه العمليات المالية، وعلى السلطات السياسية ايجاد حل للازمة الدستورية، وعلى الحكومة فرض ضرائب جديدة في موازنتها للعام 2017 على القطاع المصرفي تتعلق بالارباح الاستثنائية المحققة من الهندسة المالية، وعليها ايضا إقرار مرسومي النفط والغاز لطمأنة المواطنين بمستقبل لبنان الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
(&) خبير اقتصادي ومالي