ليس في وسع تمام سلام ان يتنفس الصعداء، فيلجأ الى لذة الاستقالة ويعود الى المصيطبة ويلقي برأسه على الوسادة و”خيي إرتحنا”!
هذا رئيس وزراء آدمي ومستقيم لن يرتاح قط لأنه يعرف انه يتحمل المسؤولية في بلد على الحافة، لا رئيس للجمهورية، والبرلمان منقسم، وحكومته التي تحوّلت حلبة للملاكمة مستمرة لأن إستقالتها ستدفع بلبنان الى الفراغ المطلق… لا رئيس ولا حكومة ولا برلمان فاعل ولا حد أدنى من التفاهم، اذاً هاتوا صحون المرارة نقتات بها الى ان يقضي الله امراً كان مفعولاً.
منذ اللحظة الأولى قلت في هذه الزاوية إن على تمام سلام ان يتحلّى بما هو أكثر من صبر أيوب، كان واضحاً انه جاء لمهمة محددة، تسلم السلطة ريثما يتم انتخاب رئيس جديد ووضع قانون للإنتخاب، ومنذ تلك اللحظة كان مفهوماً ان انتخاب الرئيس دونه عقد، وان مهمة الحكومة ستتحول مشجباً تعلّق عليه الأزمة.
ولم يكن خافياً ان حكومة الأربعة والعشرين من أصحاب “المعالي” سرعان ما ستتحول حكومة الاربع والعشرين “فخامة”، باعتبار ان كل وزير يعتبر نفسه رئيساً قابضاً على أختام الفخامة لأنه يملك أهم من الفيتو، فاذا كان رئيس الجمهورية دستورياً لا يستطيع تعطيل القرارات الى الأبد، ففي وسع أي وزير في هذه الحكومة السعيدة ان يعطّل… ويا عنتر مين عنترك؟
وهكذا لم يكن غريباً ان تتحول الحكومة حلبة للملاكمة بين الوزراء، ولا من المستغرب ان يتحوّل تمام سلام حكماً لا يستمع أحد الى صفّارته، وقبل البحث عن آلية تضبط عمل حكومته وطريقة إتخاذ القرارات، صار على سلام ان يفضّ الاشتباك التفاعلي بين القبائل اللبنانية ومشاكل المنطقة لكي يصبح في الإمكان تسهيل عمل الحكومة، التي تحتاج الى عالم عربي متصالح، والى علاقات السمن والعسل بين ايران والدول العربية، والى مصالحة بين بشار الأسد والمعارضة تتبعها عملية تبويس لحى بينه وبين أبو بكر البغدادي، وفي حضور أوباما وبوتين ومباركتهما، لكي تتمكن من العمل!
يجب ان يتصالح الكون لكي يتفاهم الوزراء في لبنان السعيد، وعبثاً البحث عن آلية لعمل الحكومة تلغي نظرية الأجماع، التي سبق لها أن أحبطت الجامعة العربية ولم تتوافر حتى للرسل والانبياء، ويعرف سلام ان نظرية الثلثين للقرارات التي تحتاج عادة الى النصف زائد واحد، والأجماع للقرارات التي تحتاج الى الثلثين ستكون مجرد محاولة لتيسير عمل الحكومة لكنها لن تصمد كثيراً!
ويعرف سلام جيداً انه يرأس حكومة الزملاء الألداء إضافة إلى أن بعض اعضائها من غير شرّ مصابون بلوثة العظمة وبنوعين من البخار، بخار الانقسامات المتفاقمة، وبخار المرايا المكبِّرة حتى ليخال بعض المعالي من غير شر انه فخامة تكاد ان تتفجر!