IMLebanon

«تمام سلام»: 1992- 2016 «لبنان واحد لا لبنانان».

 يحي احمد الكعكي –

… تمام صائب سلام، ابن الزعيم البيروتي، اللبناني، أحد الآباء المؤسسين لـ»استقلال لبنان« صاحب »دارة المصيطبة التاريخية« التي تحوّلت إلى »مقر موقت« لـ»المجلس النيابي الاستقلالي« ١٩٤٣، وفيها رسم »العلم اللبناني« الحالي..

تمام صائب سلام.. حاولوا استدراجه إلى »معركة طائفية – مذهبية« أول من أمس لأنه ساءهم أن يكون »رجل الدولة« الذي حافظ على »الدولة اللبنانية« واحدة موحّدة أرضاً وشعباً وسلطة سياسية، منذ أن »اختطفوا« رئاسة الجمهورية وغيبوا »صوت لبنان« ورمزه.. منذ ٢٥-٥-٢٠١٤ ولايزالون..! واخترعوا القضية انقلابهم على الدولة و»الدستور اللبناني« المعدّل بالإعلان الدستوري ٢١-٩-١٩٩٠.. ما أسموه »النأي بالنفس«..!.

لقد ظنوا أنهم باختطافهم »الرئاسة الأولى« سيغيبوا »الدولة اللبنانية« بما تعنيه في »علم السياسة المعاصر« التي هي وحدة قانونية دائمة تتضمن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سلطات قانونية معينة، في مواجهة أمة مستقرة في بقعة من الأرض معينة ومحدّدة.. وتُباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المنفردة عن طريق القوة – الجيش والشرطة المدنية – التي تحتكرها للحفاظ على كيان هذه الأمة وادارة شؤونها، ومصالحها العامة وفق »القرار النهائي« وقت »السلم والحرب« المختطف الآن بما أسموه »النأي عن النفس«!

ولأن »البعض« في »لبنان« لا يريد أن تُمارس »الدولة« وحدها هذا »القرار النهائي« خطف هذا »البعض« الرئاسة الأولى، و»غيّبها« حتى لا يكون لهذا الـ»لبنان« صوت ورمز »شعباً« و»دولة«..! ومن ثم لينفردوا هم وعبر »انقلابهم« المستمر من ١٨-٢-٢٠١٣ بتحريك واللعب بهذا »القرار«!

هذه »القوى الفعلية« التي تفتقر إلى »الشرعية« – أو »مقاطعجية« هذا الزمن قياساً إلى »مقاطعجية ١٨٤١ و١٨٦٠« – حاولت منذ ٦-١١-١٩٨٩ بفكرهم الإنقلابي، الذي عاد وتجدّد في ١٨-٢-٢٠١٣ للضغط على »الرئاسة الأولى« بـ»قوانين مصندقة« لـ»الانتخابات النيابية« بهدف »تطيير هذه الانتخابات« ونجحت في »تطييرها«.. حتى لا نُحّدد »صناديق الانتخابات« لا »السلاح« إرادة اللبنانيين في اختيار »نوابهم« الذين كانوا سينتخبون »الرئيس الجديد« لـ»الجمهورية« وهذا ما كانوا يخافون منه فطيروا هذه »الانتخابات النيابية«.!

ثم تحوّلوا لـ»خطف« و»تغييب« الرئاسة الأولى.. بهدف شل »القرار النهائي« لـ»الدولة اللبنانية« ليخطفوا من ثم هذا »القرار« ويصبح تحت »هيمنتهم«، وتصبح من ثم »السلطة العليا« لـ»الدولة اللبنانية« (ناقصة السيادة) لأنها لا تستطيع أن تُمارس »القرار النهائي« للحفاظ على سيادتها منفردة كـ»سلطة سياسية مركزية« لأن هؤلاء »المقاطعجية« أصبحوا يشاركونها هذا القرار، ومع الأيام تحوّلت إلى »كيان اجتماعي لا حول له ولا قوة..! عبر »النأي عن الدستور اللبناني«، ومن ثم عن »عروبة لبنان«!!

ولأن »الرئاسة الثانية« التي أعطيت ممارسة بعض سلطات »الرئاسة الأولى« في حال عدم وجودها لسبب أو لآخر!

ولأن »تمام سلام« نجح في الحفاظ على »الدولة اللبنانية« بمؤسساتها وتحديداً »القوة الفعلية« (الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام)..

ولأن »الرئاسة الثالثة« لم تنحاز إلى صراع »الإرادات الإقليمية – الدولية الجديدة« على حساب الوطن.. قرر »المقاطعجية« اسقاط »الرئاسة الثالثة« و»الجيش« في ضربة واحدة آنذاك في ٩-٧-٢٠١٥ فبقيت »الرئاسة الثالثة« وبقي الجيش« وسقط يومها »المقاطعجية« أمام »إرادة الميثاقية الوطنية« التي حافظ عليها »تمام سلام.. ولايزال منذ ١٩٩٢..

وفي هذا السياق أشير إلى حادثة وطنية عشتها بلحظاتها في عام ١٩٩٢.. ففي أول أيام عيد الفطر ١ شوال ١٤١٢ هـ ٤-٤-١٩٩٢ زار وفد من »القيادة السورية« في بيروت برئاسة »العقيد رسم غزالي« انذاك..

وكان سبب الزيارة »التقرّب« من »الزعيم السني البيروتي« تمام صائب سلام قبل اجراء الانتخابات النيابية التي كانت أولى انتخابات نيابية في عهد الرئيس الراحل »الياس الهراوي« وكان »تمام سلام« يمثل »جسر الاتصال والتواصل« مع الجناح الثاني للبناني، وهم »المسيحيون« الرافضون لهذه الانتخابات، وفي مقدمهم »البير مخيبر«..

إلاَّ أن »تمام صائب سلام« استمر على »موقفه الوطني الجامع« ورفض »المشاركة« في هذه الانتخابات التي دفع ثمنها السياسي أنه بقي خارج السلطة حتى الانتخابات النيابية ١٩٩٦..

وفي ٩-٧-٢٠١٥ وقف »تمام صائب سلام« من موقعه في »الرئاسة الثالثة« التي دحرت »الانقلاب السياسي« الموقف الوطني ذاته وحافظ على »لبنان الواحد لا اللبنانان« وطناً »نهائياً« لجميع أبنائه بعيداً عن أي أهواء إيديولوجية في حمى »الجيش اللبناني« الواحد الموحّد..

وهذا هو الموقف الوطني اذي يقفه اليوم ضد »الإنقلابيين« ولعبتهم السياسية »النأي عن النفس« – أو »نظرية المنتصر بالسلاح« أو »ديكتات« أي المفروض بالقوة – بهدف اسقاط »الاعلان الدستوري« ٢١-٩-١٩٩٢ وحكمة لبنان »لا غالب ولا مغلوب« من أجل مؤتمر تأسيسي يُوقع على »دستور مصندق جديد« لـ»لبنان الفيدرالي اللاعروبي«..

وهذا لن يحدث لأن الانقلابيين ليسوا أكبر من »لبنان الكبير« ودستور ١٩٩٠ بسلاحهم الذي لا يصنع القوة.. إنما الذي يصنعها هو اللبنانيون الطيبون المتحدون ضد الانقلابيين بالنأي بالنفس عن الارتباط بالخارج عبر السمع والطاعة. لك كل التقدير واحترام »تمام صائب سلام« رجل الضرورة ورجل الدولة الاستثنائي..