Site icon IMLebanon

سلام لـ«الجمهورية»: لهذه الأسباب رفضت رئاسة الحكومة

 

 

درجت العادة في لبنان أن يكون الوصول الى السلطة سبباً للتنافس والتنازع بين «الطامحين»، إلّا أنّ المفارقة هذه المرة انّ سدة رئاسة الحكومة لا تجد حتى الآن من يملأها، أو من هو متحمّس لتسلّمها. وحين عُرض على الرئيس تمام سلام ان يكون هو قائد «الكوماندوس الوزاري» للمرحلة المقبلة، أتى جوابه بالرفض القاطع والنهائي، فما هي الاسباب التي دفعته الى اتخاذ هذا الموقف والامتناع عن قبول «هدية» تسليمه رئاسة مجلس الوزراء؟

يقول سلام لـ«الجمهورية» إنّ السنوات الثلاث التي مرت من العهد، حتى الآن، لم تشجّعه بتاتاً على العودة الى رئاسة الحكومة مجدداً، لافتاً الى أنّ هذه الفترة «كانت حافلة بالمخالفات الدستورية والفوقية والمكابرة والسعي الى الاستئثار بالسلطة من قبل فريق العهد الذي يتصرف على أساس أنّ لديه غطاء من حليفه الداخلي الأقوى، يخوّله أن يفعل ما يشاء».

 

ويُبدي أسفه لغياب اي مؤشرات يمكن أن توحي انّ هذا السلوك سيتغير خلال السنوات الثلاث المقبلة، على الرغم من الانتفاضة الشعبية التي حدثت، «ولذلك موقفي محسوم ولا تراجع عن رفضي ترؤس الحكومة».

 

ويضيف سلام: ما يثبت صحة استنتاجي وقراري أنّ الوزير جبران باسيل، وبعد كل ما حصل على الارض منذ 17 تشرين الاول، أراد عند طرح اسم الوزير محمد الصفدي ان يعيّن هو موعد الاستشارات ويعلن اسم الرئيس المكلف وطبيعة الحكومة المقبلة، ولم يكن ينقص سوى ان يضع البيان الوزاري، مصادراً صلاحيات الرئاسات والمؤسسات، ما يدفع الى التساؤل عن سر هذا الجشع والإنكار للواقع الجديد الذي طرأ عقب ثورة الناس؟

 

ويؤكد أنه لا يستطيع أن يتعاون مع العهد الحالي وفريقه، قائلاً: بالكاد استطعت اثناء وجودي في رئاسة الحكومة ان أضبط باسيل، علماً انّ عمه العماد ميشال عون لم يكن رئيساً للجمهورية آنذاك، فكيف الحال وعون هو الرئيس؟

 

ويستعيد سلام بعض مراحل تجربته في السراي الكبير أثناء فترة الفراغ الرئاسي، لافتاً الى أنّ «باسيل حاول في تلك المرحلة أن يُنصّب نفسه رئيساً ضمنياً للجمهورية وراح يتصرف على هذا الاساس، لكنني تصديت له»، معتبراً أن نهج «التيار الحر» في الحكم يقوم على العرقلة والتعطيل، «وجبران ما شايف حدا».

 

ويوضح انّ الرئيس سعد الحريري كان قد اقترح عليه تولّي رئاسة الحكومة، «إلا انني لم أوافق للاعتبارات التي شرحتها»، راوياً انه «عندما زار الخليلان «بيت الوسط» أصرّا على تسمية الحريري، فلما بقي متمسّكاً بالرفض، جرى تداول الاحتمالات الاخرى، وأبدى الثنائي الشيعي تأييداً لاسمي، لكنّ الحريري أبلغ اليهما أنه عرض الأمر علي ولم أقبل».

 

ويرى سلام أنّ التأليف قبل التكليف، كما يجري حالياً، هو هرطقة دستورية، مشدداً على «ضرورة إجراء الاستشارات النيابية الملزمة فوراً، ومن دون أي تأخير، فإذا تعذّر حصول اسم واحد على الاكثرية المطلوبة لتكليفه، تُعاد الاستشارات مرة أخرى، «هذه هي الآلية الدستورية ويجب احترامها».

 

ويتساءل: لماذا يحق لرئيس الجمهورية أن يأخذ وقته في الأخذ والردّ حتى يضمن انّ الرئيس المكلّف وشكل الحكومة سيكونان على ذوقه، بينما ممنوع على الرئيس المكلف ان يأخذ بعض الوقت لوضع التشكيلة الحكومية؟

 

ويعرب سلام عن اعتقاده انّ هناك رهاناً لدى الفريق الحاكم على انّ الحراك سيضعف شيئاً فشيئاً، وبالتالي سيتراجع دوره وتأثيره مع مرور الايام، بحيث يمكن ان يُفرض عليه لاحقاً الحل الذي يجده البعض مناسباً، داعياً السلطة الى الكَف عن أي رهان من هذا النوع، واتخاذ إجراءات جدية لمحاولة كسب ثقة الناس فيها، بمعزل عما سيؤول إليه الحراك.

 

ويؤكد انّ البيان الصادر عن رؤساء الحكومات السابقين لم يكن موجهاً ضد الصفدي، «بل كان يهدف في الدرجة الاولى الى دعم الحريري في المفاوضات وتأكيد التمسّك به في مواجهة تفرّد جبران باسيل»، مُستغرباً كيف أنّ وزير الخارجية لم يعترف بعد بأخطائه ولم يلتقط رسالة المنتفضين الذين صَبّوا جام غضبهم عليه، «وإنما لا يزال يكابر ويناور».

 

ويضيف: عندما اجتمعنا كرؤساء حكومات سابقين بالحريري، لم نتخذ في حينه موقفاً نهائياً من مسألة طرح اسم الصفدي، بل اتفقنا على ان نتابع النقاش، لكن الوضع تغيّر الآن مع قرار الصفدي بالانسحاب.

 

ويؤكد انّ الحريري يبقى بالنسبة اليه الخيار الافضل، «وأنا لن أتركه وسأقف الى جانبه باستمرار، لأنّ علاقة وثيقة وقديمة تربطني به، وأنني أقدّر كثيراً انه اقترح علي أن أترأس الحكومة المقبلة، بمعزل عن عدم تجاوبي».

 

ويدعو سلام «المكابرين الى التواضع والتوقف عن سياسة الإنكار التي أوصلتنا الى هنا»، محذّراً من انّ «عدم الاتّعاظ بدروس انتفاضة 17 تشرين الاول سيتسبب في تفاقم المأزق وتدحرج الامور نحو الأسوأ».

 

ولا يفوته ان يشدّد على «وجوب تأمين الشروط الضرروية لاستقلالية القضاء، والتي من دونها لا يمكن أن نربح المعركة ضد الفساد»، داعياً الى الكف عن التدخل في القضاء والتأثير في وجهته، «وما فَعلته القاضية غادة عون مع الرئيس نجيب ميقاتي هو أكبر مثال على الاستنسابية في فتح الملفات».