قَتْلُ امرىء في غابةٍ جريمةٌ لا تُغتَفر
وقتلُ شعبٍ آمنٍ قضيةٌ فيها نظر.
دولة الرئيس سلام علينا أن نصارحكم وننقل إليكم صوت الناس بما أننا جميعاً ملتزمون ببعضنا البعض بالحكومة إلى إشعارٍ آخر.
فلا هروب من واقع بقاء الحكومة في الظرف الحالي القاهر، لكنَّ المطلوب قليلٌ من الإدراك وحدّ إستيعاب الخسائر، خاصةً على مستوى الذكاء اللبناني.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، مَن من اللبنانيين لا يتذكَّر لوائح وزير الصحة وائل أبو فاعور عن المطاعم والسوبرماركت والصيدليات والأفران ومعامل المواد الغدائية، التي فيها، بحسب الإختصاص، مواد غير مطابقة؟
تعريف المواد غير المطابقة أنها تُضرُّ بالصحة، والضرر يتمُّ تشخيصه عبر التسمم.
هذه جريمة لا تُغتَفَر بحسب تعريف أديب إسحق، ولكن ماذا عن تسميم شعبٍ آمنٍ عبر مئات آلاف الأطنان من النفايات، هل هي قضية فيها نظر؟
في قضية اللوائح غير المطابقة شهد اللبنانيون توقيفات وإقفال بالشمع الأحمر وغرامات ومحاضر ضبط، وكلها كانت طبقاً للجرم المشهود. فماذا عن توقيفات وغرامات ومحاضر مئات آلاف الأطنان من النفايات وسمومها، وكلها مضبوطة بالجرم المشهود وما زالت في الأرض؟
مثال ثانٍ، يجري توقيف شخصٍ ما بجرم الإتجار بالسموم التي تتسبب بالأمراض القلبية والصدرية والأمراض المستعصية، ماذا عن التجارة السياسية بسموم النفايات؟
مَن يوقف المسؤولين عنها؟
قبل ان تُمطِر، بدأت تتفشى لدى المواطنين أمراض ضيق التنفس من جرَّاء حرق النفايات، ولا سيما نفايات المستشفيات التي يُفترَض أن تكون تحتاج إلى محارق أفران.
بعد هطول المطر في ذلك الأحد الفاضح لتقصير المسؤولين، إنتقلت الأمراض من إختناقات بسبب دخان النفايات إلى أمراض مؤجَّلة إلى الربيع المقبل، فهل من توقيفات من جرَّاء هذه السموم؟
ولعلَّ المضحك المبكي في ما جرى ويجري أنَّ بعض المسؤولين، وبدلاً من أن يعملوا جاهدين لمعالجة الوضع فإنهم يختبئون خلف أصابعهم ويتحدثون عن سيناريوهات هوليوودية، وعلى سبيل المثال فإن رئيس الحكومة تمام سلام قال خلال جلسة الحوار إنَّ مشهد النفايات وهي تطفو على سطح المياه والسيول كان مصطنعاً، إذ أظهرت التحقيقات التي أُجريت أنَّ شاحنةً مليئةً بالنفايات جابت أحد الشوارع في بيروت وقامت برمي حمولتها في أحد المنحدرات أثناء هطول الأمطار، وما أن أنجزت هذه المهمة حتَّى قام فريق بتصوير المشهد وتوزيعه على وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
يا سادة، يا عقلاء، يا شعب لبنان، هذا كلامٌ صادر عن رئيس حكومتكم، تصوَّروا أنَّ في شوارع لبنان وأزقته وضفاف أنهره وسهوله ووديانه مئات آلاف الأطنان من النفايات، ثم يأتي رئيس الحكومة ليُحدِّثنا عن شاحنة!
يا دولة الرئيس، إذا كنتَ جادَّاً في ما تقول فتلك مصيبة، وإذا كنت تمزح حيال هذه الكارثة، فالمصيبة أعظمُ!