IMLebanon

تمّام سلام التوّاق لـ«الحرية»: لا تدعوني أنتظر طويلاً

«محترف الصبر» يستعدّ لنشر مذكرات والده

تمّام سلام التوّاق لـ«الحرية»: لا تدعوني أنتظر طويلاً

يبدو رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام منشرحاً في هذه الأيام، بعدما اقترب من أن يزيح عن كاهله أعباء «الحكومة الأسوأ»، وفق توصيفه المعروف لها. صحيح أن السلطة «جذابة»، وأن مَن يصل اليها يحاول جاهداً أن يبقى فيها أطول وقت ممكن، لكن ما عاناه سلام خلال فترة توليه المسؤولية، على مدى سنتين ونصف السنة تقريباً من الشغور الرئاسي والصبر المنهك، دفعه الى استعجال المغادرة، الى حد أنه كان حريصاً على تصريف الأعمال من منزله في المصيطبة، وليس من السرايا.

بدأ سلام يخطط منذ الآن لما سيفعله بعد استكمال التسليم والتسلم بينه وبين الرئيس سعد الحريري، وبالتالي فهو يتمنى ألا يطول مخاض التشكيل كثيراً، حتى لا يضطر إلى أن يتحمل أيضاً مرارة تصريف الأعمال في حكومة معطلة أصلاً.

ومن أولويات سلام، في مرحلة ما بعد العودة الى «الحرية»، نشر مذكرات والده الرئيس الراحل صائب سلام في كتاب، إضافة الى نشر نصوص أخرى للرئيس الراحل يضيء فيها على بعض التقاليد البيروتية واللبنانية.

ويؤكد سلام لـ «السفير» أن انتخاب العماد ميشال عون كان بنسبة كبيرة صناعة لبنانية، «من دون إغفال حقيقة أن هناك مواكبة ومباركة إقليمية ودولية لهذا الانتخاب»، لافتاً الانتباه الى أن بعض المسؤولين والموفدين الدوليين الذين التقاهم، قبل أشهر قليلة، ألمحوا الى ان الملف الرئاسي قابل لنوع من الحلحلة، وهذا ما حصل لاحقاً.

ويشدّد سلام على أن مبادرة الحريري إلى دعم ترشيح عون انطوت على شجاعة استثنائية وتحسس كبير بالمسؤولية، مشيراً الى أن رئيس «تيار المستقبل» هو الذي شجّع السعودية في نهاية المطاف على تقبّل انتخاب «الجنرال»، بعدما كانت هناك معارضة شديدة له في الرياض.

ويُبدي سلام أسفه لكون فريق 8 آذار لم يُنصِف الحريري بقدر ما يستحق بعد مبادرته الجريئة، «برغم صعوبة القرار الذي اتخذه لإنقاذ لبنان، بعدما تأكد من أن انتخاب الجنرال هو الخيار الوحيد الممكن للخروج من المأزق الوطني».

ويشير إلى أن ترشيح الحريري للنائب سليمان فرنجية تسبّب في خسارته نصف شعبيته، وبالتالي فهو كان متردّداً في تأييد عون لئلا يفقد ما تبقى منها، «وقد لمست خلال لقاءاتي معه أنه كان يتهيّب الموقف، خصوصاً مع علمه بوجود حساسية شديدة لدى معظم الجمهور السني حيال عون، قبل انتخابه. ومع ذلك حسم الحريري أمره، وخالف المزاج العام في بيئته، مغلّباً ضرورات المصلحة الوطنية على المواقف الشعبوية».

ويعتبر سلام أن المؤشرات الراهنة أظهرت حتى الآن أن الحريري تجاوز اختبار الشارع بنجاح، وأن شعبيته التي تقلّصت في السنوات الماضية آخذة في الارتفاع مجدداً، مشدداً على أن الحريري يبقى الزعيم الأقوى في البيئة السنية، برغم بعض مظاهر الضعف والتراجع التي عانى منها مؤخراً، «وأنا قلت له إن أحداً لا يستطيع أن ينافسه على الزعامة».

ويُعرب سلام عن ارتياحه لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتكليف الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، لافتاً الانتباه إلى أن هذا التطور أزاح عن كاهله جبالاً من الضغوط والمسؤوليات. ويضيف: مع ذلك، «ما تقول فول ليصير بالمكيول»، وأنا أتمنّى أن يتمكّن الحريري من تأليف الحكومة سريعاً، منبّهاً إلى أن إطالة الإقامة في المنطقة الرمادية، بين حدَّي رئيس مكلف من جهة وحكومة تصريف أعمال من جهة أخرى سيرتّب انعكاسات سلبية.

ويوضح سلام أنه حريص منذ تكليف الحريري على تصريف الأعمال من منزله، وليس من السرايا، «حتى لا أعطي أي إشارة او انطباع بأنني متمسّك بالبقاء في موقعي»، آملاً أن يتمّ تشكيل الحكومة الجديدة خلال أسابيع قليلة، وملاحظاً أن هناك زخماً داخلياً في هذا الاتجاه.

ويؤكد أن الإرادة الخارجية بالمحافظة على الاستقرار اللبناني لا تزال سارية المفعول، موضحاً أن هذه الإرادة «ساهمت كثيراً خلال مرحلة رئاستي للحكومة في حماية الحد الأدنى من الاستقرار». وللدلالة على هذا الاتجاه لدى عواصم القرار، يروي أنه بعد تولّيه مسؤولياته، تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي باراك أوباما، فانقطع الخط مرات عدة، «وكان أوباما يُصرّ في كل مرة على معاودة الاتصال بي، فقط حتى يبلغني أن الولايات المتحدة تدعم الحكومة».

ويكشف سلام أنه استطاع أثناء رئاسته للحكومة أن يرصد عن قرب ظواهر الفساد المستشري في جسم الدولة، «بعدما كنتُ أسمع عنها»، مشيراً إلى أن هناك مَن يستسهل العبث بالمال العام لخدمة مصالحه الخاصة. ويتابع: للأسف، بعض الأطراف السياسية في مجلس الوزراء كانت تتوزّع الحصص والمنافع بطريقة فجّة، وكانت تتصارع لهذه الغاية، ولو غلّفت صراعها أحياناً بعناوين سياسية برّاقة.