فعلها حزب الكتائب، لكن السؤال الذي لم يُجِب عنه أحدٌ بشكلٍ مفصَّل ومُقنِع، هو:
ماذا تُقدِّم أو تؤخِّر هذه الإستقالة؟
وما هو تأثيرها على الحكومة بشكلٍ عام؟
بدايةً، الحكومة ليست في وضعٍ صحي، سواء بقي الوزراء المستقيلون فيها أو لم يبقوا، ففيها ثلاثة وزراء مستقيلون حتى الآن وهُم وزيرا الكتائب سجعان قزي وألان حكيم، وفيها استقالة وزير العدل أشرف ريفي.
صحيح أنَّ مرسوم الوزراء البدائل يُغطي الفراغ بالمعنى الدستوري، لكن الحكومة تترنَّح أكثر فأكثر في اتجاه اللاتوازن. أَضِف إلى ذلك أنَّ هناك وزيراً منكفئاً، هو وزير خيبة الأمل للجميع، محمد المشنوق، فهل بالإمكان البدء بتسمية الحكومة بما كان الرئيس نبيه بري يسمِّي به حكومة الرئيس فؤاد السنيورة أي الحكومة البتراء؟
يتحمَّل المسؤولية في ما آلت إليه الأمور رئيس الحكومة تمام سلام، فهو الذي عجز عن إدارة الملفات وجلسات مجلس الوزراء بطريقةٍ فعَّالة ومنتجة، ومن أبرز علامات الفشل الذي وقع فيه:
ملف النفايات وملف جهاز أمن الدولة. ففي ملف النفايات، مَن يعرف أين أصبحت الأمور؟
فمطمر الكوستابرافا دونه عراقيل، ومطمر برج حمود قد يتحوّل إلى المطمر الوحيد في لبنان، بما يعني ذلك من اختناقات لكل المنطقة.
لقد مرَّ على ملف النفايات نحو سنة وخمسة اشهر وما زلنا عند النقطة الصفر:
وزير البيئة، وهو الوزير المدلل عند رئيس الحكومة، شكَّل أكبر خيبة أمل بالنسبة إلى هذا الملف، إنكفأ عنه ليتولاه وزير الزراعة أكرم شهيب، وهكذا أصبحت الحكومة هجينة:
الوزراء يتبادلون الحقائب بأسرع من الصوت، والملفات تتقدَّم وتتراجع من دون حسيب أو رقيب، ولتنشيط الذاكرة، ألم يُنجَز ملف النفايات في الصيف الماضي على قاعدة المناقصات التي رست على ثلاث جهات؟
فكيف بسحرِ ساحر أُلغيت النتائج؟
ووفق أي آلية قانونية؟
ومَن يستطيع الإجابة أين أصبح ملف النفايات اليوم؟
هل يملك رئيس الحكومة الجواب؟
هل أطلعه وزيره المدلل على آخر المعطيات؟
إنَّ التعثُّر في ملف النفايات أخطر من أن يتحمَّله البلد والناس، وعلى رئيس الحكومة، المسؤول الأول والأخير عن هذا التعثُّر، أن يكاشف الرأي العام بتفاصيل ودقائق هذا التعثر، لأنه لا يجوز للصيف الثاني على التوالي أن يغرق البلد بالنفايات في وقتٍ لا يرى رئيس الحكومة من المسؤولية سوى البقاء في السراي الحكومية.
ومن التعثُّر في ملف النفايات إلى التعثُّر في ملف أمن الدولة، ما هي ذريعة رئيس الحكومة لعدم معالجة هذا الملف؟
كيف يستطيع أن يخاصم طائفةً بكاملها من أجل إرضاء أحدٍ ما؟
هل هذا هو الإعتدال الذي يعيِّرنا به ليلاً ونهاراً؟