Site icon IMLebanon

تمام.. يا تمّام!

 

زار الوزير السابق محمد الصفدي “بيت الوسط” مساء الخميس، ووافق على تولّيه رئاسة حكومة “تكنو – سياسية” تتناسب مع تمنيات “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وعبّر الشارع سريعاً عن رفضه هذه الشخصية.

 

وبعيداً من أسباب رفض الصفدي وبعيداً أيضاً من التساؤلات حول موقف الرئيس سعد الحريري، لا بد من أن تدوّن يوميات الثورة رفض الرئيس تمام سلام ما وافق عليه الصفدي. العملية كانت سريعة، رن هاتف سلام، عُرض عليه المنصب الذي يرغب به كثيرون في البيئة السنية ويخوضون معارك لأجله، فكان الجواب: “اعتذر”. ومثلما يسجّل التاريخ إسقاط مرشح لرئاسة الحكومة في الشارع خلال ساعات، فيسجّل التاريخ أيضاً رفض أحد المرشحين الطبيعيين للرئاسة هذا المنصب.

 

موقف ابن رجل الدولة الرئيس الراحل صائب سلام كان واضحاً في بيان رؤساء الحكومات السابقين: “منذ بداية الأزمة السياسية شددنا ونعيد التأكيد اليوم على موقفنا الأساسي بإعادة تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة وإننا نرى، في ضوء الأوضاع الراهنة، أن على القوى السياسية كافة تسهيل مهمته في ذلك”. ويبدو أن لدارة المصيطبة أسبابها في رفض رئاسة الحكومة، يتم استنتاجها من مواقف سلام وبيانات رؤساء الحكومات السابقين.

 

أولاً: لطالما انتقد سلام التجاوزات الدستورية في عهد الرئيس ميشال عون، وهو على قناعة أن هذا النهج لن يتغير في المرحلة الجديدة، وأثبت الوزير السابق جبران باسيل ذلك في دردشة نشرها الزميل داني حداد، واعتبرها باسيل “غير دقيقة” فيما تمسّك حداد مهنياً بصدقية مضمونها. الدردشة تُظهر أن باسيل سمّى رئيس الحكومة وحدّد موعد الاستشارات وشكّل الحكومة ولا ينقص سوى أن يكتب البيان الوزراي ويحدد أول جلسة للحكومة الجديدة “في بعبدا”.

 

ثانياً: لا يُخفي سلام في مواقفه السابقة رفضه المسار الذي اعتمده رئيس الجمهورية في معالجة الأزمة والقائم على “التأليف قبل التكليف”، فمن تَعِب طوال سنوات للدفاع عن موقع رئاسة الحكومة وصلاحياتها لن يكون شاهد زور على هكذا مخالفات دستورية.

 

ثالثاً: الثقة المفقودة بين الشعب والطبقة السياسية، ليست بعيدة من دارة المصيطبة التي استنتجت أن لا جدية لدى الفئة المسيطرة من القوى السياسية في معالجة الأزمة، ويدرك سلام جيداً أن ما بعد 17 تشرين ليس كما قبله وبالتالي أي انكار لمطالب الناس لن يكون في صالح أي رئيس حكومة.

 

رابعاً: يدرك أي رئيس حكومة من غير صفوف “8 آذار” أن العمل مع العهد وباسيل “عبء وابتلاء”، وقد يوافق على صيغة “تكنو – سياسية”، بشروط: تمثيل الأحزاب بأربعة أو ستة وزراء دولة لا يكونون من الوجوه القديمة، ويختار رئيس الحكومة 18 أو 20 وزيراً “تكنوقراط”. ما يعني أن لا حقائب وزارية للأحزاب، وهو خيار يرفضه “الوطني الحر” و”حزب الله”.

 

خامساً: لو سئل سلام عن دور رئيس الجمهورية، فليس مستبعداً أن يجيب أن استقالة الرئيس ليست عيباً أو مستحيلة، كما حصل سابقاً مع رئيس الجمهورية وأحد زعماء الاستقلال بشارة الخوري الذي استقال استجابة لنقمة الشعب العارمة، ومع الرئيس فؤاد شهاب الذي استقال وعاد عن استقالته.

 

ومهما كانت أسباب سلام… فلا يمكن القول له إلا “تمام يا تمّام”، فرفضه المنصب رسالة واضحة للقوى السياسية: “عودوا إلى مطالب الناس”.