IMLebanon

الملموس واللاملموس  في قمة كامب ديفيد

ماذا بعد القمة الأميركية – الخليجية؟ أكثر بالطبع من مجرد قمة أخرى بعد عام لمتابعة ما ظهر وما لم يظهر في البيان المشترك من التفاهمات. فلولا حسابات الادارة الأميركية ورهاناتها على ما بعد الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة ٥١ لجهة النظام الأمني الاقليمي لما كانت قمة كامب ديفيد. ولولا الفارق بين عمق الهواجس الخليجية غير النووية وبين محدودية التطمينات الأميركية لما احتاج البحث عن احتواء أو تخفيف الهواجس الى قمتين.

القمة الأولى انتهت الى ما كان مكتوباً على الجدار في واشنطن، لا الى ما كان مرتفع السقف في الخليج. والقمة الثانية تبدأ في مثل هذه الأيام من العام ٢٠١٦ حين تكون أميركا في عزّ معركة الرئاسة، والرئيس باراك أوباما بطة مشلولة، ولا أحد يعرف كيف تتطور الأحداث العاصفة في المنطقة خلال المسافة الزمنية الطويلة بين القمتين: من حروب اليمن وسوريا والعراق الى حرب الشغور الرئاسي في لبنان، وهي نقاط جرى بحثها في كامب ديفيد.

ذلك ان الأولوية في الخليج، حتى قبل عاصفة الحزم ضد انقلاب الحوثيين وعلي صالح في اليمن بدعم طهران هي لمواجهة التمدد المتسارع للنفوذ الايراني في العالم العربي. والحديث، قبل القمة، كان عن المطالبة بمعاهدة دفاع مشترك مع أميركا أو أقله بموقع حليف من دون عضوية في الحلف الاطلسي وحتى بضمانات أمنية خطية. لكن الاولوية لدى اوباما هي للاتفاق النووي مع ايران ثم للتفاهم على النظام الامني الاقليمي. وهو قال بصراحة انه لا يرى ان طهران تشكل خطراً على الخليج. لا بل اعلن ان اكبر خطر يهدد دول الخليج ليس التعرض لهجوم محتمل من ايران بل عدم معالجة تحديات الداخل وتعزيز الحياة السياسية ليشعر الشبان ان لديهم شيئاً آخر يختارونه غير داعش.

وما حدث في القمة ان اوباما اخذ ترحيب دول الخليج بما هو ملموس اي الاتفاق النووي، وأعطاها وعوداً حول ما ليس ملموساً، اي الدفاع عنها. لا بل ان الدفاع ضد شيء يصعب حدوثه وتصوره هو حرب كلاسيكية ايرانية على الخليج. في حين ان التمدد الايراني عبر اللعب بالنسيج الاجتماعي وتسليح مكون معين هو ما يخيف دول الخليج وما ليس على الاجندة الاميركية لمواجهته.

والسؤال في النهاية هو: الى أي حد تستطيع اميركا ترتيب توازن في سياستها بين الحليف السعودي القديم والعدو الايراني المطلوب التحالف معه؟ وما هو المدى الذي يمكن الذهاب اليه في ادارة الصراع السني – الشيعي بعد انزال الصراع العربي – الاسرائيلي الى أدنى درجة؟ وتلك هي المسألة.