Site icon IMLebanon

التانغو الحكومي

 

تشكيل الحكومة متوقف عند حدود مرسوم التكليف، رغم محاولات اختراق الجمود المفروض، بحكم تضخم مطالب البعض، أو تشعّب رهاناتهم، بين داخل ومحيط.

مسودة حكومية طالعة وأخرى نازلة، وكلما دنت لحظة التوافق، وسجلت خطوة الى الأمام من حيث الحصص والأعداد، يستجد موقف أو قرار أو مرسوم، يعيد راقص التانغو الحكومي خطوتين الى الوراء، ما يعني راوح مكانك…

مرسوم التجنيس، كان العقبة الأكبر، بسبب التكتّم الذي واكبه، والرياء الذي تعاملوا مع اللبنانيين فيه، والسطحية التي تكشفت لدى القيّمين عليه، والاستهزاء بعقول اللبنانيين ومداركهم حياله، فمن الكتمان الى الانكار الى التلاعب بالأسماء، وأخيرا الى حيث ألقى رحله في غربال الأمن العام.

لكن بعض الناس لا يتعلمون من أخطائهم، ربما لأنهم لا يعتبرونها أخطاء، فهم معصومون بنظر أنفسهم، أم أنهم أقوياء، الى درجة الاستعصاء على المساءلة، شأنهم شأن الضفدع الذي ان وضعته في كرسي من ذهب، ستجده يقفز الى المستنقع…

الارتياب، بدأ، بتحويل أسماء المطلوب تجنيسهم الى الجهات الأمنية غير المعنية، اخفاء لسرّ، أو كتمانا لأمر، وربما لو لم تكن هناك عيون مفتوحة، لما أعطي القوس باريها…

ولتغطية السماوات بالقبوات، كانت محاولة احتواء مرسوم التجنيس، باتهام المفوضية العليا للاجئين بتخويف النازحين السوريين الراغبين بالعودة، كي يبقوا في لبنان كجزء من مخطط توطين اللاجئين السوريين حيث هم.

من حاول تمرير المادة ٤٩ من قانون الموازنة التي تسمح لمن يشتري عقارا، بالاقامة الدائمة في لبنان، ثم استبدل تلك المادة بمرسوم التجنيس، التوطيني الصارخ، لا يتردد في نسب ما هو فيه الى المنظمة الدولية، التي قد لا تكون كامرأة القيصر، لكن ليس من المنطق، ان تنهي عن خلق وتأتي بمثله، عار عليك اذا فعلت عظيم… كما قال الفرزدق لجرير…

ولم تكد تهدأ عاصفة مرسوم التجنيس، ويسحب قرار وزارة الخارجية بشأن اقامة العاملين في المنظمة الدولية، من التداول حتى ظهر مرسوم خلافي جديد يتناول تعيين قناصل فخريين للبنان، بالتواقيع المعهودة، انما بغياب توقيع وزير المال علي حسن خليل، الذي اعتبر المرسوم غير مقبول لا بالشكل ولا بالمضمون، بما يعني انه متجاوز لتوقيع وزير المال الذي هو إلزامي من وجهة نظره وليس اختياريا، هذا في الشكل، أما في المضمون فانه فاقد للتوازن الطائفي…

وتحدثت حركة أمل عن غرفة سوداء تدير حركة المراسيم، ما حدا بالرئيس نبيه بري الى مطالبة أهالي القرى السبع الذين ضمّهم الانتداب الى فلسطين رغم ان سكانهم لبنانيون، وأهالي وادي خالد في الشمال، ان يتحرّكوا للمطالبة بحقهم في الجنسية اللبنانية…

على أي حال ثمة ايجابية ترتّبت على هذه السلبيات، تمثلت بانصراف الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، الى معالجة المعوقات الحكومية، شخصيا، لأن اليد الموصولة لا تضرب.

والأمور الاقليمية والدولية تتطلب صبرا وطول أناة، خصوصا في الجنوب السوري القوي التأثير على الحالة الحكومية في لبنان، انطلاقا من معادلة روسية – أميركية تتقبّل وجود الجيش السوري على الحدود الجنوبية المطلّة على الجولان، والأسد في دمشق، لقاء إبعاد ايران والميليشيا التابعة لها عن الميدان السوري…

وعندما تشارف الخيل نهاية المضمار، تبذل قصارى جهدها للفوز في السباق.

وكما يقول أحد الحكماء العبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات…