على رغم أنّ المعركة أُعطيت حجماً سياسياً كبيراً، إلّا أنّ التنافس الإنتخابي في تنورين بقيَ ضمن إطاره الديموقراطي الصرف ولم يسجّل أيّ إشكال يُذكر، في حين أظهرت النتائج الأوّلية ليلاً فوز لائحة «قرار تنورين»، إضافة إلى المخاتير المدعومين من الوزير بطرس حرب.
لا ينكر أحد أنّ حماوة الإنتخابات البلدية والإختيارية في تنورين لم يسبق لها مثيل في تاريخ «الضيعة» كما يحلو لأهلها تسميتها، على رغم أنها تمتد على مساحات شاسعة ويبلغ عدد ناخبيها نحو 10500 ناخب، لكنّ الأهالي لا يرغبون بأن يُطلق على بلدتهم لقب مدينة، فعلى حدّ قولهم «إنّ الامّ، ومهما شبّ إبنها وكبر يبقى في عينيها ولداً صغيراً».
الإنتخابات مشتعلة، والزيارات والزيارات المضادة بين لائحة «قرار تنورين» المدعومة من الوزير بطرس حرب، ولائحة «تنورين بتجمعنا» المدعومة من «القوّات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» الى أهالي تنورين في «الضيعة» وقرى ومدن الإنتشار في داخل لبنان لم تنقطع، لكنّ العامل البارز، الذي دخل حيّز «المسايرات» في النادي التنوري كان كميّة الأمطار التي هطلت بطريقة غير طبيعية وأحدثت موجة من السيول لم تشهدها المنطقة قبلاً في أواخر شهر أيار حسبما يروي كبار السنّ.
فالمزارعون، وعلى رغم إنشغالهم بالإنتخابات، كان همّهم، ماذا حصل بموسم التفّاح، وهل أصابته حبّات البرد بضرر ما، وعلى حدّ قول أحدهم: «بهمّوني هالتفاحات، مين ما طلع يطلع، ما حدا رح يجبلي طحنة عالبيت».
أشرقت الشمس صباح الأحد، ومَن كان متخوِّفاً من الطقس، تبدّدت مخاوفه، ومَن كان متردّداً أو «زعلاناً» من أيّ أمر كبير أو صغير حصل معه، أو خدمة لم يلبّها فريقه السياسي، شدّ الهمّة وتوجّه للإنتخاب، ولم تؤخّره برودة الطقس، أو زحمة السير في تنورين التحتا ووطى حوب وتنورين الفوقا بسبب ضيق الطريق، فيما كان الجميع يسأل «متى سيُشقّ الاوتوستراد الموعود داخل بلدتنا؟».
وعلى رغم إعطاء المعركة طابعاً سياسياً، لكنّ العصب العائلي فعَل فعله، فالمعركة الأساسية قادتها العائلات، فيما سلّطت الأضواء على عائلة حرب التي تشكّل نحو 54 في المئة من تنورين. الجميع يريد جذبها نحوه، فيما كان الوزير حرب يجلس في منزله، يستقبل الوافدين والمنتخبين، حيث يعرف كلّ تنوري أنّ بيته مفتوح للمناصرين الذين يقصدونه قبل التوجّه الى الإقتراع أو بعده.
وعند سؤاله عن الأجواء، قال لـ«الجمهوريّة»: «الأجواء إيجابية، وكما ترون، الناس مقبلون على التصويت ولا حاجة لأن أتكلّم فالمشهد يتحدّث عن نفسه».
غابت عن طرق تنورين المواكب الحزبية، وحرص المتنافسون على عدم القيام بأيّ أعمال إستفزازية، فيما كان المندوبون للائحتين يجولون في الطرق، ويوزّعون اللوائح، وتوزّع الناخبون بين تنورين التحتا، وتنورين الفوقا. فالأخيرة عاصمة البلدة، وفيها مركزان: الأوّل في التكميلية الرسمية، والثاني في الثانويّة. وخصّصت التكميلية للإناث، حيث توافدن منذ الصباح للإقتراع، فسجّلت النسبة في إحدى الغرف التي ما زالت مزوّدة بمدفئة نحو 10 في المئة عند التاسعة صباحاً.
غير أنّ اللافت كان عدم ورود أسماء بعض الناخبين والناخبات على لوائح الشطب.
أما في الثانوية فانتخب الذكور والمرشحون وفاعليات البلدة، لكنّ الحدث الأبرز هو تزامن إنتخاب رئيس لائحة «قرار تنورين» بهاء حرب مع موعد إنتخاب رئيس لائحة «تنورين بتجمعنا» العميد أيوب حرب، وبما أنّ المرشَّحَين من العائلة نفسها، دارت «حرب» تبويس وعناق بينهما إنعكست إرتياحاً بين المناصرين حيث قال الجميع «هكذا هي دائماً أجواء تنورين».
وفيما إعتبر بهاء حرب أنّ مصالحته طبيعية مع الوزير حرب بعد مصالحة «القوّات» و»التيار»، أكّد أيوب حرب لـ»الجمهوريّة» أنّه «من الطبيعي ان أسلّم على بهاء، فهو إبن عائلتي وبلدتي ونخوض معركة ديموقراطية»، وحسب قوله «الأرقام ستكشف مفاجأة والكلام الأول والأخير للصندوقة».
وقرابة الساعة الثانية بعد الظهر إنتخب الوزير حرب في الثانوية، حيث اعتبر أنّ «القرار للناس لكي يدلوا بأصواتهم بحرّية»، مشدّداً على أنّ «المعركة الانتخابية يجب أن تكون إنمائية لا سياسية».
وبما أنّ التحالفات قد تبدّلت، فقد حضر إبن شاتين، مسؤول تيار «المردة» في البترون وضّاح الشاعر الى تنورين، مؤكداً أنّ تياره مع الوزير حرب، لكنّ المعركة يغلب عليها الطابع العائلي.
ويبدو أنّ العائلية ما زالت القوّة الأولى المتحكّمة في اللعبة التنّورية، حيث أكّد رئيس لائحة «قرار تنورين» سامي يوسف الذي سيتولّى رئاسة البلدية في حال الفوز لثلاث سنوات لـ«الجمهورية»، أنّ «وضاح الشاعر هو مَن كان وراء بيان عائلة مراد والشاعر لجهة كلامي عن المصالحة مع آل حرب، وهو يعمل ضدّي في إنتخابات تنورين إنطلاقاً من حساباته الخاصة، ويقول إنّ والده هو مَن كان وراء البيان، وهذا أمرٌ لا يُصدّق».
ليعود الشاعر وينفي هذا الأمر، مؤكّداً أنّ «كلامه واضحٌ بتأييده لائحة «قرار تنورين» المدعومة من الوزير حرب، وقد أعلنته على الملء، ونحن لا نقول الشيء ونفعل عكسه».
الأنظار اتجهت طوال النهار الى نسبة التصويت، خصوصاً داخل عائلة حرب، وقد سجّلت في تنورين الفوقا قرابة الرابعة بعد الظهر نحو 40 في المئة، وفي وطى حوب 38 في المئة، وفي تنورين التحتا 31 في المئة، فيما أصرّت الأحزاب والشخصيات الداعمة للائحة «تنورين بتجمعنا» على أنّ المعركة الأساسية هي لإثبات الوجود وتحقيق رقم مقنع.
لم تحجب المعركة البلدية التنافس على المخاتير على رغم فوز 3 مرشَّحين بالتزكية من أصل 8 مقاعد اختيارية وهم: باسم يوسف سليمان ويوسف ابراهيم مبارك (تنورين التحتا)، جورج حنا شيبان (وطى حوب).
وتنافس 10 مرشحين على 5 مقاعد اختيارية في تنورين الفوقا وهم: جوزيف ديب عساف، زياد عصام يونس، رامز نزيه سعد، جودت يوسف طربيه، شربل جرجس جبرايل، حميد فايز يونس، رئيف بطرس ضومط، زياد جورج عيسى، وليد شليطا وهبة، زياد كنعان يونس.
شاتين
وفي شاتين التي إنفصلت بلدياً عن تنورين، فازت بلديتها المؤلفة من 12 عضواً بالتزكية، هم: سامر يوسف سعد، جان بيار ريمون الشاعر، جورج يوسف الخوري، عبير عساف مراد، جومانا داود اسبر، جاد جرجس يوسف، جيوفاني فوزي غوش، بطرس نعمالله يونس، يوسف حنا داغر، بطرس يوسف غوش، سركيس رشيد روكز.
دير بلا – شناطا
الى ذلك، شهدت بلدة دير بلا- شناطا معركة إنتخابية بلدية طاحنة غير منفصلة عن تنورين، لأنّ غالبية سكّانها من تنورين وتحديداً من عائلة حرب مع وجود أقليّة شيعيّة، ويبلغ عدد الناخبين بحسب لوائح الشطب 824 ناخباً، وتنافست لائحتان مكتملتان ومرشح منفرد، الأولى لائحة «إنماء دير بلا» وتضمّ: جورج يوسف مراد، بطرس عفيف مراد، جورج موريس سابا، بطرس نبيه سابا، زينه علي حمد، زكي محمد حيدر، انطانيوس فيليب جرمانوس، طوني سعد سعد والياس يوسف يوسف سمور.
ولائحة «دير بلا بتجمعنا» وتضمّ: جورج جوزيف سمور، الياس وهيب سابا، هيثم محمود حيدر، جان حسيب مراد، مارسيل بطرس الحويك، انطونيوس يوسف المخايل، شليطا جورج حرب وجورج منير سابا.
وخاض العضو في المجلس البلدي جورج قزحيا نهرا، المعركة منفرداً، فيما فاز الياس حنا صعب بمنصب مختار بالتزكية. وأظهرت النتائج ليلاً فوز لائحة «إنماء دير بلا» برئاسة جورج مراد.
إنتهت المعركة الإنتخابية في تنورين والجوار، لكنّ غداً يوم آخر، فيما يبقى الإنماء أساس العمل وإلّا الحساب بعد 6 سنوات.