IMLebanon

إستهداف «حزب الله» و«الحرس الثوري» خارج لبنان أعطى انطباعاً ببقاء المواجهة ضمن الأراضي السورية

إستهداف «حزب الله» و«الحرس الثوري» خارج لبنان أعطى انطباعاً ببقاء المواجهة ضمن الأراضي السورية

الالتزام بمفاهيم التهدئة الداخلية خفف من حدّة ردود الفعل السياسية على غارة القنيطرة

مصدر سياسي بارز: موجبات ردود الفعل أخذت بعين الاعتبار الإلتزام بمفاهيم التهدئة

بقيت ردود الفعل على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت مجموعة مشتركة من «حزب الله» و«الحرس الثوري الإيراني» في منطقة القنيطرة بالجولان السوري مضبوطة نوعاً ما وضمن المعقول ولم تتعداها إلى ردود تصعيدية أو عالية السقوف كما كان يحدث في فترات سابقة، برغم مآخذ العديد من خصوم الحزب على رفضهم لتمدد نشاط الحزب الى خارج الأراضي اللبنانية ومشاركته بأية عمليات عسكرية ضد اسرائيل انطلاقاً من الجولان السوري أو غيره من المناطق العربية المواجهة وتحذيرهم المتواصل من ردات الفعل على الأراضي اللبنانية كما حدث في فترات سابقة.

أما لماذا قوبلت الغارة الاسرائيلية الأخيرة بهذا المستوى من الردود في حين أن ما حصل يحمل في طياته مؤشرات خطيرة وتداعيات لا يمكن التكهن بنتائجها وخصوصاً على لبنان؟

 من وجهة نظر مصدر سياسي بارز أن موجبات ردود الفعل التي صدرت بخصوص الغارة الاسرائيلية على القنيطرة وخصوصاً من خصوم الحزب السياسيين وفي مقدمتهم «تيار المستقبل»، أخذت بعين الاعتبار الالتزام بمفاهيم التهدئة التي أسست لانطلاق الحوار مع الحزب منذ نهاية العام الماضي، والتأكيد بأن هذا الالتزام ما يزال ساري المفعول برغم ما حصل، أولاً لأن هناك قناعة راسخة بضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار بالداخل اللبناني وبذل كل الجهود الممكنة لإبقاء لبنان بمنأى عن حروب وحرائق المنطقة المشتعلة بأكثر من دولة مجاورة، مع التشدد على تكرار الرفض المطلق لذهاب «حزب الله» للقتال إلى جانب نظام الأسد الديكتاتوري في سوريا أو ممارسة أي نشاط عسكري أو شن عمليات هجومية ضد القوات الاسرائيلية انطلاقاً من الأراضي السورية مهما كانت الذرائع والمبررات، لأن مثل هذه الممارسات تتعارض كلياً مع رغبة أكثرية اللبنانيين وتعرّض وطنهم لمخاطر وتداعيات خطيرة.

ويضيف المصدر السياسي أن السبب الثاني المهم لتحديد مستوى الردود السياسية بهذا الحد، هو أن غارة القنيطرة وقعت خارج الأراضي اللبنانية وليس ضمنها، ولذلك فإن الأمر تتبدل كثيراً لو حصلت الغارة الاسرائيلية على لبنان وكذلك يتبدل مستوى الردود والمواقف السياسية بخصوصها وسيكون التعاطي معها بأسلوب مختلف كلياً، فالغارة المذكورة مستنكرة بكل المقاييس كونها حصلت على أراضٍ عربية وهذا ما عبّرت عنه أكثرية المواقف السياسية بالداخل اللبناني، في حين لا يمكن اعتبارها منفصلة عن سلسلة الغارات الاسرائيلية التي استهدفت مخازن صواريخ وأسلحة متطورة مخزنة في مستودعات بضواحي العاصمة السورية وتجهز لنقلها لتسلم إلى «حزب الله» في لبنان لاستعمالها في أي مواجهة محتملة مع اسرائيل في المرحلة المقبلة وهو ما تعتبره الدولة العبرية بمثابة تخطٍ للخطوط الحمر في المواجهة مع الحزب ولن تتغاضى عنه، ولذلك بادرت لشن الغارات المتتالية وبأوقات متباعدة ضد ما ادعت أنه مستودعات سلاح متطورة لحزب الله والغارة الأخيرة من ضمنها ولا تختلف عنها حسب مصادر ديبلوماسية غربية متعددة ومتطابقة وليس كما صورتها بعض الاستنتاجات والتحليلات الصحفية وغيرها.

وفي اعتقاد المصدر السياسي البارز فإن توقعات رد الحزب ضمن الأراضي السورية أو انطلاقاً منها على الغارة الاسرائيلية كشن عملية محدودة عبر الخطوط الفاصلة بالجولان وهذا من ضمن ما يتم تداوله حالياً، عزز الانطباع بالداخل بضرورة تخفيف مستوى الردود وحصرها بمستويات غير تصعيدية ولا تؤثر على أجواء التهدئة وتنفيس الاحتقان السياسي والمذهبي الذي خيّم على الداخل اللبناني في الأسابيع القليلة الماضية، في حين لا بد من ترقب ما يمكن أن يصدر من مواقف بارزة من الحزب بخصوص غارة القنيطرة وما يمكن أن تتضمنه من رسائل سياسية وعسكرية لمعرفة طبيعة المرحلة المقبلة وما يمكن أن تحمله من مفاجآت أو تطورات غير متوقعة.

ولا يستبعد المصدر السياسي البارز أن يكون مكان الرد من الأراضي اللبنانية أو أن يكون لبنان مسرحاً لردود متبادلة وغير محمودة، في حال صحت الأنباء المتداولة عن نقل جزء لا يستهان به من الأسلحة المتطورة إلى مستودعات الحزب بلبنان برغم كل الغارات والضربات الجوية الإسرائيلية لمستودعات السلاح المخزنة في سوريا، وهو ما حذّرت إسرائيل من حدوثه مراراً وهددت بمهاجمة هذه الأسلحة وتدميرها في الوقت المناسب، الأمر الذي يثير مخاوف اللبنانيين من حدوثه ويضع لبنان مرّة جديدة في مهب الخطر المحدق.

ولكن برغم ذلك تبقى أي مواجهة محتملة على الأراضي اللبنانية محكومة بمسار المفاوضات المتقدمة بين إيران والولايات المتحدة والدول العظمى بخصوص الملف النووي الذي قطع شوطاً متقدماً، ولا يمكن لأي طرف المجازفة بما تحقق، الا إذا نجحت إسرائيل في عرقلته جدياً، وهذا سيؤدي إلى إشعال حرائق وحروب ولو كانت محدودة وقد يكون لبنان من ضمنها لممارسة ضغوطات على الغرب من خلاله وهو ما حدث أكثر من مرّة في السابق.