IMLebanon

استهداف ستريدا جعجع أبعد من الحوار القوّاتي ـ العوني

 

«استثناءً» أكتب اليوم الاثنين، وذلك لخطورة الأيام الثلاثة الماضية التي عصفتْ بلبنان… «أوّل دخولو.. شمعة طولو»!! ليل السبت الماضي قالها لي صديق من أوساط التيّار الوطني الحرّ، وتابع: «لو كان هذا الموظف يملك ذرّة من الكرامة والإحساس لتقدّم باستقالته فوراً، وقبل أن يتمّ إبعاده بنفس الطريقة التي أُبْعِدَ فيها في المرّة الماضية، خصوصاً بعدما وبّخه الجنرال ميشال عون، وبعدما تبلّغ منه امتعاضه الشديد من فعلته»…

انتهتْ عاصفة «الافتراء» و»التحريض» على النائب ستريدا جعجع، لذا بات طرحُ السؤال أدْعى: «هل كان تزوير موقفٍ يستهدف حزب الله على لسان ستريدا، هو مجرّد استهداف للحوار القوّاتي ـ العونيّ»، أشكّ في ذلك كثيراً، لأنّه يدخل في خانة تهيئة الأرضيّة لاندلاع «فتنة وطنيّة كبرى» تتجاوز حدود تعكير أجواء الحوار القواتي ـ العوني، وإنْ استخدم قناة الـotv.. منصّة لإشعال هذه الفتنة، وهذا يستدعي أن نستطرد بسؤال يفرض نفسه ويتعلّق بمحطة الـotv  نفسها، خصوصاً وأن «الجرم» ارتكب عبر شاشتها: هل تكمن خطورة ما حدث فقط في تفلّت موظف برتبة مدير، أم أنّ إدارة المحطّة غير ممسكة بزمام أمورها وهذا ما سمح بحدوث هذا الخرق الفاضح لشاشتها؟! هذا سؤال، وحدها الـotv  وقيادة التيّار الوطني الحرّ، تملك الإجابة عنه واتّخاذ التدابير اللازمة للحؤول دون تكرار هكذا «أفعال جرميّة» عبر شاشته!!

وكقارئ ومتابع للحدث اللبناني اليومي، أقول متيقنةً بأنّ استهداف ستريدا جعجع كان أبعد بكثير من مجرّد استهدافٍ للحوار القوّاتي ـ العونيّ، لمعطيات عدّة إذا ما تأنّى المتابع في قراءتها بتبصّر لأدرك الآتي: أولاً؛ التربّص لتصوير ستريدا جعجع في المجلس النيابي يؤكّد أنّه ليس ابن ساعته، بل كان هناك «نيّة مبيّتة» في رصد كلّ ما يصدر عنها تحت قبة البرلمان اللبناني، وإلا: «ما الذي يستدعي أن يتمّ تصوير السيدة جعجع خلال حديث جانبي معلن»؟ وهذه النيّة المبيّتة ترصّدت «اختلاس» لحظة مؤاتية يتمّ تزويرها، وجاءت اللحظة مع شيوع نبأ تنفيذ حزب الله عمليّة ثأريّة في شبعا، فتمّ التنفيذ على الفور»!!

وتكمُن خطورة ما حدث في أنّه نُفّذ بحقدٍ كبير، إنّما لتفجير «فتنة وطنيّة كبرى» تستهدف لبنان بأكمله، «فتنة شيعيّة ـ مسيحيّة» ـ هيك بالعربي المشبرح ـ وهذه هي القطبة المخفيّة فيما حدث، وهي أبعد بكثير من مجرد استهداف حوارٍ مسيحيّ ـ مسيحيّ، فمن زوّر وفبرك كان يترقّب أن تندلع تظاهرات صاخبة لـ»شعب المقاومة» في الضاحية الجنوبيّة بجمهور غاضب يشعل الإطارات ويقطع الطرقات، ويطالب برأس النائب ستريدا جعجع، ولا ضيْر في أن تتوجّه هذه التظاهرات الغاضبة و»الهائجة ـ المهيّجة» باتجاه خطّ تماس الشيّاح ـ عين الرمّانة، ومن السوديكو باتجاه الأشرفيّة، ولا ضيْر إن سقط بعض القتلى والجرحى فهذا هو المطلوب لتأجيج الفتنة، وما أكثر المندسّين في لحظات العماء الغرائزيّ، عندها كانت فتنة عمياء ستشتعل وتحرق نيرانها أصابع ووجوه الجميع، هذا هو السيناريو الذي كان يُفترض أن نشاهده ليلة بثّ الفيديو الذي زوّر وحرّف جملة: «إن شا الله ما يصير شي» إلى «ان شا الله يصير شي»، وقديماً قال من قبلنا: «الحربُ أوّلها كلام»…

هكذا تفكير، هو أبعد ما يكون عن تصرّف رجل واحد، بل هو تفكير مخابراتي ـ شيطاني دقيق، سبق وعرفناه في لبنان وشاهدناه يُطبّق مئات المرّات، الأمر الذي يؤكّد أنّ الذين يستهدفون لبنان مستعدّون للذّهاب إلى أبعد الحدود، في زمن «تنفيس» الاحتقان «السُنّي ـ الشيعي» و»المسيحي ـ المسيحي»، ثمّة من يرغب أن تذهب الأمور باتّجاه انفلات الشارع المسيحي والقواتي تحديداً، وما جعلنا متأكدين من قناعتنا بأن هذا الشّارع مستهدف هو ما انتشر بالأمس من شائعة إصابة الدكتور سمير جعجع بعد استهداف موكبه على طريق حريصا ـ بكركي بإطلاق النار، وهكذا يضرب «الشيطان الحقيقي» الذي يقف وراء الڤيديو ـ الفتنة، الشارع اللبناني ببعضه بعضاً…

ومن موقعنا؛ ندعو القضاء اللبناني لوضع يده على ملفّ التحريض على النائب ستريدا جعجع، لأنّ ما حدث تهديدٌ للسّلم الأهلي اللبناني وتحريض على القتل، لو تحقّقت أهدافه لدخل لبنان نفق حرب أهليّة، ومساءلة الفاعل ضرورية والتحقيق معه حول خلفيّات هذه الفبركة، وكيف تمّ الترتيب لها وبإيعازٍ ممّن؟

حمى الله لبنان، حمى الله ستريدا، حمى الله الحكيم، وحمى الله مسيحيي لبنان مما يُحاك لهم، فالنظام الذي أحرق لبنان لأنّه لم يتحمل مرّة أن يرى حواراً لبنانياً إسلاميّاً ـ مسيحيّاً، لن يتحمل بالتأكيد رؤية حوار مسيحيّ ـ مسيحيّ ، ومن له أذنان سامعتان، فليسمع!!