كشف مصدر نيابي في لجنة المال والموازنة، أن المشهد الداخلي المأزوم لم يعد يحتمل مزيداً من الهزّات والصدمات الإقتصادية والمالية ذات الأبعاد السياسية، انطلاقاً من الأكلاف الخطيرة التي بات يدفعها الوطن والمواطن في الأيام والساعات القليلة الماضية، وذلك غداة الإرتفاع القياسي لسعر صرف الدولار في السوق اللبنانية، والذي طغى على ما عداه من أزمات وفي مقدمها أزمة انتشار فيروس «كورونا».
كما كشف المصدر النيابي، أن الحكومة ما زالت على تعثّرها من حيث الحسابات «الناقصة» التي قامت بها، وصولاً إلى تردّدها الواضح في الإفراج عن خطّتها الإقتصادية والمالية، والتي باتت الحاجة إليها أكثر من ضرورية اليوم، في الوقت الذي تقف فيه الساحة الداخلية على شفير انفجار شعبي برزت مؤشّراته في الأحداث المتفرّقة التي حصلت في الشارع، وفي أكثر من منطقة بالأمس، في موازاة أحداث أمنية متنقلة محدودة في الزمان والمكان، ولكنها خطيرة جداً من حيث الأبعاد والدلالات.
وبرأي المصدر النيابي نفسه، فإن الخطوات الحكومية لا تواكب التطورات الدراماتيكية السياسية، كما المالية والإقتصادية والإجتماعية، وذلك على الرغم من أن العناوين العريضة للخطة المالية، أو ما تسرّب منها، تعتبر مقبولة من حيث المبدأ، ولكنها وبصورة إجمالية تبدو وكأنه قد تم إسقاطها عن خطط إنقاذ مالية سبق وأن اعتمدتها المؤسّسات الإستشارية الدولية في بلدان أخرى شهدت انهياراً مالياً وتعثّراً في دفع ديونها الخارجية، واستعانت بشركة «لازار» كما هي حال لبنان، مع العلم أن الخطوط المسرّبة عن التوجّهات الحكومية بالنسبة للوضع المالي قد كُتبت من قبل فريق من اللبنانيين سواء كانوا وزراء أو مستشارين في حكومة الرئيس حسان دياب.
وأضاف المصدر النيابي نفسه، أنه كان من المنتظر أن تعمد الحكومة، ومن خلال خطة الإنقاذ، إلى إحداث تغيير جذري في الأداء السياسي والمالي والإقتصادي، ولكن هذا الأمر لم يتحقّق بسبب المنحى الذي سلكته الأمور في الجلستين التشريعيتين للمجلس النيابي، حيث بات واضحاً أن هناك هوّة تفصل ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وفي هذا المجال، كشف المصدر ذاته، عن أن خيار اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدة مالية عاجلة، بات الوسيلة الوحيدة المتاحة لكي يخرج لبنان من الكابوس الحالي المتمثّل بالإرتفاع الجنوني في سعر الدولار الأميركي في لبنان، لكنه لفت إلى أن معلومات قد توافرت لدى أكثر من فريق سياسي، تشير إلى أن وجهتي نظر لا تزالان تتجاذبان هذا الخيار، سواء لجهة إطلاق قنوات الحوار مع صندوق النقد، أو اللجوء إلى الخيارات المحلية، وأبرزها حسم 50 % من أموال المودعين، وذلك بصرف النظر عن النتائج المترتبة عن هذين الخيارين.
وأضاف المصدر النيابي نفسه، أن المعلومات نفسها، تشير إلى أن التوجّه نحو زيادة الضريبة على القيمة المضافة في ما يتعلّق ببعض السلع المعفية منها الآن، هو من إحدى الخيارات التي تعمل عليها الحكومة في هذه المرحلة، بعدما سقط خيار الـ «هيركات»، وحذّر من أن أي خطوة من هذا القبيل ستؤدي إلى انهيار الثقة في قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات إصلاحية جريئة تكفل حماية اللبنانيين في المرحلة الصعبة التي تنتظرهم بعد انتهاء إجراءات الحجر الصحي.