أضحى التهرّب الضريبي شائعًا بين الشركات، والذي يعتمد على مبدأ التملّص من دفع الضريبة المتوجبة، بصورة مشروعة او غير مشروعة. ما هو التعريف القانوني للتهرّب الضريبي؟ وما هي التأثيرات والعقوبات الناتجة عنه؟
لسنوات خلت، لم تكن تتوافر في القوانين اللبنانية تفسيرات واضحة لماهية التهرّب الضريبي والعقوبات المتوجبة عليه! كان العقاب يُطبّق بموجب المادة 108 من قانون ضريبة الدخل التي استبدلت في العام 1983 بالمرسوم الاشتراعي 156/83 الذي حدّد الارتكابات الضريبية الملاحقة جزائيًا.
في هذا الاطار، اوضح المحامي كريم ضاهر ل،»الجمهورية» ان «هناك عقوبتين حول التهرب الضريبي، العقوبة المدنية التي تنص عليها القوانين النافذة من غرامة وتسديد مبالغ اضافية، اي التدابير العادية المالية، وهناك ايضًا اجراءات جزائية تلاحق الشخص على موضوع التهرب الضريبي. في السابق، لم يكن هناك الكثير من الملاحقات الجزائية، بل كانت الملاحقة تقتصر على عقوبات مالية».
اضاف: «خلال العام 2000 تغيّر الاطار بأكمله، اذ في عام 1999و1998 بدأت الدول الاجنبية تشديد الرقابة على موضوع التهرب الضريبي، وفي محاربة الارهاب خصوصًا بعد جريمة 11 ايلول. وصدر في ذلك الوقت القانون الرقم 318 في موضوع محاربة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، وبدأت المشوارات حول ادخال لبنان في هذا القانون».
تابع ضاهر: «في العام 2001 تمّ تطبيق قانون الضريبة المضافة التي لديها امكانية الحد من التهرّب الضريبي، ولكن لم يكن هذا هو الهدف الرئيسي لاقرارها. ثم جاءت مرحلة قانون الاجراءات الضريبية التي ادخلت مفاهيم جديدة على موضوع التهرب الضريبي».
من هنا صُنّف التهرّب الضريبي بكل مل يتعلق بالتفريق بين 3 حالات بحسب ضاهر وهي: «التهرب الضريبي المشروع، او ما يُسمّى بالتجنّب الضريبي ولا يعاقب عليه، والتهرّب الضريبي الذي يهدف الى الغش والتملص والذي يُعاقب عليه، ومفهوم جديد وهو التعسّف في استعمال الحق الذي يسمح لوزارة المالية باعادة توصيف عملية اما صورية (كل إتفاق أو عمل يقوم به المكلفون ولا يعكس حقيقة ما إتفقوا عليه فعليًا بهدف إخفاء الإتفاق الفعلي أو الغاية الحقيقية بغية تخفيض القيمة الضريبية المتوجبة) او قانونية بالشكل (التي ترمي بصورة أساسية إلى التهرب من دفع الضريبة أو تخفيضها دون وجه حق) في حال كان الهدف ام التهرب من الضريبة او تخفيض الضريبة المتوجبة».
واشار ضاهر الى ان «هذا الموضوع خلق مشكلة كبيرة اذ اضحت وزارة المالية تستعمل هذه النصوص لاعادة توصيف اي عمل لتجنّب دفع الضريبة لتعتبره تهربا ضريبيا، والخطير في هذا الامر انه في حال تم تصنيف وجود تهرب ضريبي يجب تطبيق النصوص الملازمة لهذا الموضوع اي القانون 44 الذي صدر عام 2015، لذلك في حال صنفت هذه الحالات في هذا الاطار تطبق عليها مجموع العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون اي عقوبة السجن بين 3 و7 سنوات، بالاضافة الى مبدأ رفع السرية المصرفية».
أما حول التساؤلات في ما يخصّ السرية المصرفية لفت ضاهر الى انه «في حال طبق القانون 44 الذي بموجبه عدل القانون 318 عام 2015، يسمح بالتالي بازالة السرية المصرفية، اذ في حال تم تصنيف انه يوجد تهرب ضريبي وهناك تهرب ضريبي فعلي يمكن بالتالي ازالة السرية المصرفية. اذ أت التهرب الضريبي موصوف في القانون 44 على انه حالة من حالات تبييض الاموال».
واوضح ضاهر: «ما يحصل اليوم هو ملاحقة جزائية، بمعنى آخر ان وزارة المالية تعتبر ان هناك من لم يدفع الضريبة المضافة وترتكز على المرسوم الاشتراعي 156/ 83 حيث كان النص الناظم لهذ الموضوع. في هذا المرسوم هناك الفقرة الثالثة منه تنصّ على انه في حال تم اقتضاء مبلغ للدولة ولم يتم دفع المبلغ المتوجب يلاحق الشخص المعني في النيابة العامة المالية.
وبالتالي الذي لا يدفع الضريبة المضافة او الضريبة على الاجور يلاحق ويتم استجوابه والى ما هنالك. اما التجاوزات التي تتم فهي عند تعيين مراقبين للتدقيق في ملف احد الاشخاص باعتبار انه مخالف ويتم فرض ضريبة عليه على القيمة المضافة ليست متوجبة على اعماله».
في الختام، لفت ضاهر الى ان «هناك امكانية للحد وضبط التهرب الضريبي، ولكن هذا الموضوع لازال حتى اليوم حديثا وليس هناك حالات معينة دقيقة، وبالتالي سيحتاج الى المزيد من الوقت لتنظيم الامور».