IMLebanon

رغــم العلاقة الإستراتيجيّة بـيـن «الوطني الحُرّ» وحزب الله تـبايـنـات بالجملـة بـيـن «التيّار» و«الـثُـنـائـي الشيعي»… ورئـاسة !

 

إندلعت أمس معركة على مواقع التواصل الإجتماعي بين جُمهوريّ «التيّار الوطني الحُرّ» و«حركة أمل»، كانت بدأت بتغريدة ناريّة للنائب زياد أسود إتهم فيها وزارة الماليّة بأنّها كانت بالأمس وهي اليوم «نموذجًا فاقعًا عن حالات فساد، تبدأ من أصغر مُعاملة إلى أكبرها، ولا يمرّ شيء دون حصّة»، كما قال. وإستدعى هذا الهُجوم الكلامي المُفاجئ من نائب «التيّار»، ردًا ناريًا من النائب «الحركي»، علي حسن خليل، قال فيه: «عهدكم الأسود هو النموذج الذي لم يسبقه أحد بالفساد، من أعلى المَقامات إلى أدنى مُتوتّر يكذب نفسه والناس»، حسب تعبيره. فما هي أسباب وخلفيّات هذه المَعركة الكلاميّة المُستجدّة؟

 

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة، إنّ التنسيق الإستراتيجي بين «التيّار الوطني الحُرّ» وحزب الله مُستمر حاليًا وسيبقى قائمًا في المُستقبل، وذلك لحماية لبنان من الإعتداءات الإسرائيليّة العُدوانيّة ومن مخاطر الجماعات الإرهابيّة المُتطرّفة، لافتة في الوقت عينه إلى أنّ هذا الأمر المَحسوم، لا يعني أنّ الأمور بين الطرفين هي في أفضل أحوالها حاليًا، لأنّ العكس هو صحيح. وقالت إنّ العلاقة بين «التيّار» و«حركة أمل» والتي غالبًا ما تشهد هبّات باردة وساخنة، هي حاليًا عرضة لمجموعة واسعة من التباينات. وأشارت الأوساط نفسها إلى وُجود أربع نقاط تباين حاليًا بين «التيّار» و«الثنائي الشيعي»، وهي:

 

أوّلاً: تباين في الرأي بشأن أسلوب التعاطي مع عمليّة تشكيل الحُكومة، وكيفيّة توزيع المناصب والوزارات، الأمر الذي أوضحه علنًا رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، في كلامه للإعلاميّين بعد ظهر أمس، والذي أكّد فيه أنّ الدُستور لا ينصّ على تخصيص أيّ وزارة لأيّ طائفة من الطوائف أو لأي فريق من الأفرقاء، في الوقت الذي يُصرّ فيه «الثنائي الشيعي» على التمسّك بوزارة المال.

 

ثانيًا: تباين بشأن «قانون العفو» حيث يُصرّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، مَدعُومًا من الحزب بطبيعة الحال، على تمرير قانون العفو اليوم قبل الغد، وهو سارع إلى تعيين جلسة لهيئة المجلس غدًا الأربعاء، للبحث في عدد من القوانين وفي طليعتها قانون العفو، بينما «التيّار» لا يزال يرفض خُروج «قتلة الجيش» ضُمن أيّ قانون عُفو.

 

ثالثًا: تباين بشأن أسلوب التعاطي مع العُقوبات الأميركيّة، حيث يعتبر «الثنائي الشيعي» أن لا خيار أمامه سوى المُواجهة، بينما يعتبر «التيّار» أنّه يجب إمتصاص النقمة الأميركيّة الحاليّة، خاصة تلك المُتصاعدة عشيّة الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، وهو يسعى لتحييد نفسه عن أيّ عُقوبات عبر زيادة مُستوى التباعد عن حليفه الشيعي وعن حليف حليفه أيضًا.

 

رابعًا: تباين مُنذ اليوم بشأن قانون الإنتخابات، حيث يميل «الثنائي الشيعي» إلى فتح معركة تغيير قانون الإنتخابات في الوقت المُناسب، بينما يُريد «التيّار الوطني الحُرّ» إجراء الإنتخابات وفق نفس القانون، وهو قد يُضطرّ للتحالف مع حزب «القُوّات اللبنانيّة» في هذا الملفّ بالتحديد، للوُصول إلى ضغط نيابي وشعبي مسيحي واسع، رفضًا لتعديل القانون الحالي – إلا لتحسين قُدرة المسيحيّين على إنتخاب مُمثّليهم، أي بعكس ما يريده «الثنائي الشيعي» وغيره من القوى المُتحالفة مع «الثنائي»، لجهة تعزيز التصويت اللاطائفي واللامذهبي خلال الإنتخابات المُقبلة، وتوسيع الدوائر الإنتخابيّة، إلخ.

 

ورأت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّه عندما يحين موعد معركة رئاسة الجُمهورية المُقبلة، سيُشكّل هذا الملف مُشكلة إضافيّة أيضًا، وسيُحدّد بشكل حاسم مُستقبل علاقة «التيّار الوطني الحُرّ» مع «الثنائي الشيعي»، وبخاصة مع حزب الله، لأنّه إذا كان مَعروفًا أنّ «حركة أمل» غير مُتحمّسة على الإطلاق لإنتخاب رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل، رئيسًا للجُمهوريّة، وهي تميل بالتأكيد لدعم شخصيّات أخرى، أبرزها رئيس «تيّار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجيّة في معركة الرئاسة، فإنّ عدم تبنّي حزب الله الخيار الذي سيعتمده «التيّار الوطني الحُرّ» في حينه، سيُؤدّي بدون أدنى شكّ، إلى تعريض «تفاهم مار مخايل» لمخاطر التفكّك جديًا، بشكل يفوق بكثير ما يحصل حاليًا.

 

وختمت الأوساط نفسها كلامها بالقول إنّه إذا كانت معركة الرئاسة بعيدة اليوم، ومعركة قانون الإنتخابات مُؤجّلة في المرحـلة الراهـنة، فإنّ مـركتي تشـكيل الحـكومة وقانـون العَفو قائمتان حاليًا، ما يعني أنّ تطوّر الأمور في هذين الملفّين، إمّا سيُبرّد العلاقة من جديد، وإمّا سيزيد حال التوتّر الذي تفجّر على مواقع التواصل الإجتماعي، بعد تغريدتي النائبين أسود وخليل.