لم تكن نتائج انتخابات الحزب «التقدمي الاشتراكي» مفاجئة، بل جاءت في مواقعها الأساسية من الرئاسة إلى نيابة الرئاسة وأمانة السر بالتزكية، فيما سُجلت انسحابات عشية الانتخابات، وبمعنى أوضح كانت الأمور معدة سلفاً، في ظل توريث رئيس «الحزب التقدمي» السابق وليد جنبلاط لنجله تيمور، الرئيس الثالث. ما يطرح تساؤلات حول آفاق المرحلة المقبلة، وهل هناك من متغيّرات ستحصل على صعيد الحزب؟ خصوصاً بعد إصرار المحازبين والمناصرين على عملية التطهير، وبعد إبعاد الحرس القديم، ما يعني أن تيمور، وفق مصادر مقربة من «الاشتراكي»، سيكون له خطاب مغاير وأداء يتّسم بالطابع الشبابي، بعدما تبدّلت الأمور منذ «ثورة 17 تشرين»، وكل ما أحاط بها من إخفاقات وسواها، لكنها بدّلت في المشهد الذي كان سائداً خلال مشاركة وزراء الأحزاب في السلطة، ما دفع بتيمور بالقول «قد يأتينا أكثر من تغييري، إذا لم نحسن أو نقدم على تغييرات ومحاكاة الجيل الجديد المنتفض بوجه الفاسدين والمرتكبين»، ولهذه الغاية لوحظ أن تركيز تيمور كان على العنصر الشبابي.
من هنا، تشير المصادر المذكورة إلى أن جنبلاط الابن سيتعاطى مع الاستحقاقات المقبلة، وتحديداً الدستورية منها، بأداء وأسلوب مغاير لوالده، على أن يحافظ على الثوابت التي باتت واضحة ومكرّرة على لسان والده وقياديين آخرين من الحرس القديم، أي فلسطين والحديث الدائم حول هذه القضية التي تحدث عنها الرئيس المستقيل بالأمس.
ولكن هناك سؤال كبير: ماذا عن تحالفات تيمور في ظل عدم وضوح خارطة التحالفات أو تماسكها على خلفية التباينات والخلافات مع أحزاب حليفة وصديقة؟ تجيب المصادر انه لا يمكن الخوض أو الجزم بما سيقدم عليه في هذا الإطار، إلا بعد فترة ليست ببعيدة وتحديداً بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ولكن لن تتغيّر هذه المشهدية بشكل دراماتيكي، على اعتبار أن كل الأحزاب تريد بداية الخروج من أزماتها، وصولاً إلى مرحلة اصطفافات مغايرة للمراحل السابقة.
واشارت المصادر الى أن جنبلاط الأب أراد من توريث نجله رئاسة الحزب، الخروج من مأزق بعض الاستحقاقات الداخلية، لا سيما الرئاسية منها، أما الأبرز يكمن في العلاقة مع سوريا بعدما بات ثمة استحالة لإعادة ربط هذه العلاقة، وينقل أن الرئيس المستقيل يترك الخيار لنجله بعدما قال انه لن يذهب بعد اليوم إلى سوريا، وقد يكون هناك بعض القياديين السابقين في الحزب من الرعيل الأول يعملون على تسوية الوضع بين المختارة ودمشق، مع الإشارة إلى أن القيادي المذكور سبق وأن فصله جنبلاط بعد تسلمه رئاسة الحزب عن والده، بفترة قصيرة.
من هذا المنطلق، أمام تيمور استحقاقات كبيرة، لا سيما أنه على الساحة الدرزية ثمة قوى أخرى وأحزاب في الجبل متنوّعة التوجهات، ناهيك بأن أكثر من طرف في الحزب «التقدمي الإشتراكي» يسعى إلى خوض الاستحقاقات المقبلة البلدية، ولاحقا النيابية، ومنهم من وُعدوا بالنيابة، ما يعني أن هذه المهام الملقاة على عاتق تيمور ستكون كاختبار لقدرته على السير بالعمل الحزبي دون عوائق وصعوبات، في ظل وجود بعض الآراء والطامحين الكثر، وذلك برز في الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث بات جلياً أن تغييراً جذرياً سيحصل في كل الدوائر، فيما بعض المحازبين ومن لديهم التجربة الحزبية والكفاءة العلمية، يرون أنه يجب الأخذ بآرائهم كونهم يستحقون أن يقوموا بهذا الدور، وبمعظمهم نسجوا علاقات مع تيمور منذ أن تسلم رئاسة «اللقاء الديموقراطي» وانخرط في العمل السياسي.