منذ اكثر من شهر بقليل برز غياب رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جبلاط عن الساحتين السياسية والانتخابية، تاركاً المواقف والشعلة الاشتراكية في يد نجله النائب تيمور، في توقيت انتخابي لافت يسبق موعد إجراء الانتخابات النيابية بشهرين، هذه اللفتة بدأها جنبلاط الاب في ذكرى الـ 45 لإغتيال والده كمال جنبلاط في 16 آذار الماضي، فغاب عن الحضور مجيّراً الكلمة لنجله تيمور، الذي توعّد اهل السلطة بقوله: «أنّ المختارة ستبقى عنواناً لكلمة الحق والحرية، وسوف نقف في وجه المبشرّين بالجحيم، وبمَن يسعى إلى تدمير ما تبقى من مؤسساتنا، وسوف نبني مع الشرفاء هذا الوطن من جديد»، هذا الخطاب الثوري الذي لا يشبه تيمور الهادئ بل تقلبات والده، بدا بمثابة شدّ عصب انتخابي للمناصرين، لان المرحلة الصعبة انتخابياً تتطلّب هذا النوع من الخطابات.
وفي هذا السياق ايضاً غاب جنبلاط الاب، عن الحضور خلال اعلان « لائحة الشراكة والارادة» في دائرة الشوف – عاليه، في 10 نيسان الجاري خلال احتفال اقيم في قصر المير امين في بيت الدين، حيث القى رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» ورئيس اللائحة النائب تيمور جنبلاط كلمة، اشار فيها الى «اننا نكمل اليوم معركة السيادة وتثبيت عروبة لبنان وعلاقات لبنان الطبيعية مع الدول العربية، وقرارنا الوطني الحر والمستقل، من دون أي هيمنة خارجية أو داخلية، معركتنا اليوم هي حقوق الناس التي سرقها جماعة « ما خلونا» الذين أخدوا كل شيء ولم يتركوا لنا وطناً».
الى ذلك كانت جولة للنائب تيمور يوم الاحد الماضي، على عدد من المناطق الشوفية برفقة احد ابرز وجوه «الحرس القديم» في الحزب «الاشتراكي» و «الرفيق» الدائم لجنبلاط الاب، النائب المستقيل مروان حماده، مع عدد من مسوؤلي الحزب الذين رافقوا تيمور خلال جولته الانتخابية، حيث شنّ هجوماً على السلطة قائلاً: «معركتنا اليوم بوجه من يريد الغاء الجبل والهيمنة على الوطن، وسنخوض كل المواجهات في الانتخابات وبعدها كي نسترد الدولة».
الى ذلك رأت مصادر سياسية مواكبة لما يجري على الساحة الانتخابية في الشوف، بأنّ شدّ العصب مطلوب بقوة اليوم، في ظل هذا القانون الانتخابي الغريب العجيب، وبالتالي فالمعركة في دائرة الشوف – عاليه ليست سهلة، في ظل غياب المكوّن السنيّ، الذي كان يساهم في إنجاح لائحة جنبلاط، لافتة الى انّ غياب الزعيم «الاشتراكي» عن هذه المناسبات، يؤكد بأنه طامح الى إبراز نجله بقوة، لان الوقت حان بعد سنوات عديدة من دخوله معترك السياسة، وإن كان لا يحب خوضها وقد اُرغم على ذلك، لانه لا يهوى هذه الاجواء، لكن إغلاق البيت الجنبلاطي ممنوع، وقد بدأ جنبلاط الاب هذه السياسة، حين ألبس تيمور الكوفية الفلسطينية قبل 5 سنوات وتحديداً في 16 آذار من العام 2017 في ذكرى إغتيال جده، حيث بدأ منذ ذلك الوقت بتحضيره للاجواء السياسية، فرافقه في زيارات عدة داخلية وخارجية، كما وضعه ضمن الاحتكاك المباشر مع الجمهور الجنبلاطي، من خلال إستقبال المناصرين والمطالبين بأي خدمة كل يوم سبت في قصر المختارة.
ورأت المصادر المذكورة بأنّ الزعيم الدرزي لا شك باق خلف الكواليس السياسية، التي يسير عليها تيمور، وهو اليوم يبعد انتخابياً لكنه يخطط ويبرمج الخبايا، لان الظروف السياسية الدقيقة التي يمّر بها لبنان ودول المنطقة تتطلب رجلاً قوياً ومتمرّساً في السياسة الصعبة، التي لطالما تميّز بها آل جنبلاط بدءاً بالراحل كمال وصولاً الى وريثه وليد، الذي تميّز عهده الحزبي والنيابي والوزاري بالتنقل من ضفة الى اخرى، وبفتح صفحات جديدة كل فترة مع مسؤولين سياسيين بحسب المصلحة، لانه يهدف الى وضع الدروز ضمن إطار جديد ومنفتح، لكن بعد مرحلة الانتخابات النيابية، من خلال خلق طرق جديدة سلمية للدروز، عبر نجله البعيد عن الزواريب الضيقة التي اوصلتهم الى دروب وعرة في بعض الاحيان، لكن وقبل شهر من موعد 15 ايار، فالهجوم الاعلامي والسياسي لا بدّ منه.
وإعتبرت المصادر عينها بأن «الدوزنة» مطلوبة في خبايا المرحلة والسياسة الداخلية، والزمن الحالي يتطلب الادراك بشكل كبير، لان أي خطأ سياسي قد يوقع في الهلاك، لذا على البعض ان يجهد قبل إتخاذ أي قرار يتعلق بالاخرين وبمصيرهم، لذا ننصح النائب المرشح تيمور بعدم الوقوع في المطبّات السياسية، والانسب له البقاء دائماً ضمن مصالحة الجبل والحوار مع الجميع، بعيداً عن التنقلات من ضفة الى اخرى، لان الوسطية افضل في هذه المرحلة مع مراعاة الظروف والمتغيرات الداخلية والاقليمية وحتى الدولية.