IMLebanon

تيمور لا ينتظر معجزة ولكنه لا يُسلّم بالعجز

 

 

يدرك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط حجم تعقيدات الملف الرئاسي ببُعديها المحلي والخارجي، ومع ذلك قرر أن يختبر عن قرب إمكان المساهمة في حلحلتها إنما من غير أن يبالغ في التوقعات.

لعلها أدق المهمات التي يتصدى لها تيمور منذ استلامه رئاسة الحزب واللقاء الديموقراطي، في اعتبار أنها المرة الأولى التي يخوض فيها مسعى سياسياً من هذا النوع لتليين مواقف القوى السياسية من الاستحقاق الرئاسي والتقريب بينها.

 

وما ساعد تيمور على تأدية هذا الدور هو الموقع الوسطي الذي يتموضع فيه على مستوى السياسة الداخلية، بعدما نأى بنفسه وبحزبه عن الاستقطابات الحادة.

 

ومن حيث انتهى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان واعضاء اللجنة الخماسية وتكتل الاعتدال الوطني، انطلق جنبلاط الإبن في مسعاه التوفيقي، مبشّراً بالحوار والتسوية في عز موسم الانقسام والقطيعة.

 

ولعل السؤال التلقائي والبديهي الذي يمكن أن يخطر على البال هو: هل يمكن أن ينجح تيمور حيث تعثّر الآخرون؟

 

لا توحي المؤشرات الظاهرة بأن البيئة السياسية في هذه المرحلة هي ملائمة لإنجاح مسعى «التقدمي». ومع ذلك، يبدو أن هذه الدينامية الجنبلاطية مطلوبة ليس لأسباب داخلية وحسب بل لأنها أيضاً حاجة فرنسية، بعدما قرر لودريان أن يستعين بمساعدة «صديق» لمحاولة تفكيك العقد التي لا تزال تعترض مهمته الرامية إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

 

ولأنّ تيمور جنبلاط يعرف البئر وغطاه، فقد تفادى منذ البداية وضع نفسه تحت الضغط وحاذرَ ان يصبح أسير سقف مرتفع من التوقعات والآمال، إلى درجة أنه لم يحبذ إطلاق تسمية المبادرة على تحركه حتى لا يحمّله أكثر مما يتحمل.

 

من هنا، يحرص تيمور، كما يؤكد العارفون، على التعاطي بواقعية مع «المهمة الخيرية» التي تطوّع لها، من دون أن تساوره أي اوهام في أنه يستطيع صنع معجزة سياسية بين ليلة وضحاها، ولكنه أيضا يرفض التسليم بمبدأ العجز عن فعل أي شيء، محاولاً أن يجد لنفسه هامشاً بين حدي المعجزة والعجز.

 

وبهذا المعنى، فإنّ المحك او المفصل الأساسي في «مغامرة» جنبلاط يكمن في إقناع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بجدوى الحوار أو التشاور كممر ضروري لتسهيل عملية انتخاب الرئيس، الأمر الذي لا يبدو سهلاً وسط إصرار جعجع على الاستمرار في رفض الصيغة التي يطرحها الرئيس نبيه بري للتشاور.

 

وقد سبق للحزب الاشتراكي ان أبلغ إلى «القوات» بأنّ موقفها الرافض للحوار الرئاسي غير سليم ولا يتناسب مع طبيعة لبنان، ناصحاً إيّاها بإبداء مرونة حياله، انما من دون أن تلقى هذه النصيحة صدى إيجابياً في معراب. وبالتالي، فإن المطّلعين يستبعدون أن تحقق زيارة تيمور تغييراً في موقف معراب على هذا الصعيد.

 

وتؤكد مصادر قيادية في «الاشتراكي» انّ تحرّك تيمور يرمي الى الدفع نحو الخروج من المأزق الرئاسي استنادا إلى قاعدتي الحوار والتسوية، من دون ان يدخل في لعبة الأسماء او يبحث في ما يُعرف بالخيار الثالث. وبالتالي، فإنّ جنبلاط ليس في وارد توظيف حراكه من أجل دعم هذا المرشح أو رفض ذاك.

 

وتشدد المصادر الاشتراكية على أن حركة تيمور هي وفاقية وتهدف إلى البحث عن قواسم مشتركة يمكن البناء عليها لتخفيف وطأة الاصطفافات الحادة وإتمام الانتخابات الرئاسية.

 

وتشير المصادر الى ان تيمور جنبلاط ليس محكوماً في مسعاه بهاجس الفشل او النجاح الشخصي. وهو لم يلزم نفسه بنتائج مسبقة، بل يتعامل بواقعية مع الازمة وفرص معالجتها.

 

وتعتبر المصادر انه لا يجب الاكتفاء بانتظار وصفة الخارج لإنهاء الشغور الرئاسي، بل تنبغي ملاقاته بتحرك داخلي، لافتة إلى ان جنبلاط مقتنع بأنّ الحوار والتفاهم هما السبيل الوحيد لإيصال رئيس الى قصر بعبدا، ولذلك من الأفضل عدم تضييع مزيد من الوقت والتقاط اي فرصة ممكنة لاختصاره.

 

وتعتبر المصادر ان الأمر المضمون في جولة تيمور على بعض قادة القوى السياسية هو انه سيحفّزهم على الايجابية والمرونة وبعد ذلك القرار يعود لهم، فإمّا ان يتبادلوا التنازلات للالتقاء في المنطقة الوسطية وإما ان يبقوا متمترسين في مواقعهم على حساب مصلحة البلد المنهك.