IMLebanon

الوقائع تفضح “فريق التضليل”… طريق المرفأ لا تمرّ بالطيّونة

 

يحاول الفريق المتضرّر من تحقيقات تفجير مرفأ بيروت بقيادة “حزب الله” القيام بكل ما يتيسّر من أجل ضرب التحقيق وطمس الحقيقة.

 

إنطلقت منذ ما بعد أحداث الطيونة وعين الرمانة حملة كبيرة قادها نواب ووزراء وإعلاميون يدورون في فلك “حزب الله” وحركة “أمل” وتيار “المستقبل” وكل قوى 8 آذار، وحاولت هذه الحملة التصويب على التحقيق من بوابة أن طلب المحكمة العسكرية الإستماع إلى إفادة رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع وقول جعجع أنه يجب استدعاء السيد حسن نصرالله أولاً، يوازي تمرّد كل من الرئيس حسان دياب والنواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق والوزير السابق يوسف فنيانوس، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا على القضاء في جريمة إنفجار المرفأ.

 

ولم تهدأ هذه الماكينة عن بثّ الأخبار في هذا الإتجاه، مع العلم أن الوقائع تُبيّن بشكل لا لبس فيه أن لا مجال للمقارنة بين إنفجار المرفأ وأحداث الطيونة.

 

وتكشف قراءة ميدانية وأمنية وقضائية الفارق الشاسع بين هذين الحدثين. وفي التفاصيل، فإنه يجب أخذ الموضوع من حيث حجم الحدث أولاً، وبالتالي فإن إنفجار بيروت هو أكبر إنفجار غير نووي هزّ العالم وليس لبنان فقط وأوقع أكثر من 200 شهيد و6000 جريح مدنيين عزّل، ودمّر الجزء الأكبر من العاصمة والمرفأ، بينما سقط في أحداث الطيونة 7 ضحايا غالبيتهم الساحقة من المقاتلين الذين يحملون رشاشات وقاذفات “أر بي جي”، وقد كشفت الفيديوات عدداً من الذين يسقطون وهم يصوّبون سلاحهم باتجاه المباني السكنية في عين الرمانة وفرن الشباك.

 

ومن الناحية الإقتصادية، قُدّرت خسائر إنفجار مرفأ بيروت بمليارات الدولارات، بينما خسائر أحداث الطيونة تمثّلت بالتكسير الذي قام به مناصرو “الثنائي الشيعي” في شارع الفرير في عين الرمانة، والأضرار التي لحقت بالمباني في فرن الشباك وعين الرمانة جراء إطلاق النار من مسلحيه.

 

ومن جهة أخرى، فإن ما حصل على طريق صيدا القديمة واضح ونُقل مباشرةً على الهواء، إذ إن عناصر ومناصري ومسلحي “حزب الله” وحركة “أمل” حاولوا إقتحام حي الفرير في عين الرمانة، فاصطدموا بعدد من الأهالي الذين سقط منهم جرحى، من ثمّ إستعرض “حزب الله” و”أمل” قوتهما من خلال إطلاق النار والقذائف الصاروخية باتجاه الأحياء الآهلة في عين الرمانة وفرن الشباك، ولم يظهر فريق في مواجهة الفريق الآخر.

 

من هنا، يظهر جلياً أن هناك فارقاً جوهرياً بين أحداث الطيونة وإنفجار المرفأ من الناحية الأمنية. فالطيونة كانت بمثابة محاولة لإشعال حرب أهلية حيث وجوه المقاتلين ظاهرة، ومثل هذه الإشتباكات تحصل يومياً في البقاع حيث النفوذ الأوحد لـ”الثنائي الشيعي”، وكذلك تحصل بشكل شبه يومي بين مناصري “الحزب” و”الحركة” في قرى الجنوب والبقاع والضاحية وتكاد تشعل فتيل فتنة شيعية – شيعية، وكذلك حصلت في وادي الجاموس في عكار وسقط عدد كبير من الضحايا، في حين أن إنفجار المرفأ هو جريمة ضدّ الإنسانية وكاد أن يبيد عاصمة بأكملها، مع أن المحاسبة يجب أن تشمل المرفأ والطيونة وأحداث بعلبك المتكررة ووادي الجاموس.

 

أما سياسياً، فإن محاولة ضرب التحقيق في إنفجار المرفأ أدت إلى أحداث الطيونة، فالفريق الأساسي الذي يقف في وجه طمس الحقيقة هو حزب “القوات اللبنانية”، وقد رأت بعض القوى وعلى رأسها “حزب الله” أن ما حصل يمكن إستغلاله، بمعنى أن عدم الإستماع إلى إفادة جعجع يُعطي شرعية لكل المتمردين على القاضي طارق البيطار. وإذا كان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي يستند في طلب الإستماع إلى جعجع على فرضية أن القواتيين الموقوفين لا يتحركون إلا بناءً على توجيهات جعجع، فإن نصرالله صرّح عبر الإعلام علناً أنه يملك أكثر من 100 ألف مقاتل مجهّزين ومدرّبين وقد ظهر قسم منهم في “غزوة” الطيونة وعين الرمانة، وجاهروا بانتمائهم إلى”حزب الله” و”أمل” وهتفوا “شيعة شيعة” ووجوههم مكشوفة وإنتماءاتهم معروفة، فلماذا هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد؟! يتذكّر اللبنانيون جميعاً الملاحظات الموضوعة على أداء المحكمة العسكرية وكل المحاكم الإستثنائية، فتلك المحكمة أطلقت سراح قاتل الطيار سامر حنا بعد أشهر على توقيفه والقاتل كان قيادياً في “حزب الله”، وكذلك حاولت إطلاق سراح الوزير السابق ميشال سماحة لولا الإنتفاضة التي حصلت حينها ضدّ هذا الحكم، في حين أنّ لا علامات إستفهام حول أداء القاضي البيطار، فهو إستدعى كل الناس من كل الإتجاهات السياسية والذين على علاقة بانفجار المرفأ ومن بينهم اللواء طوني صليبا المحسوب على العهد.

 

يُصرّ أهالي شهداء المرفأ على معرفة الحقيقة كاملةً وهم على يقين أن فجر العدالة سيأتي، لذلك فهم يؤكدون أن التحقيق لن يقف حتى لو وضعوا مئة ملف في وجهه أو حاولوا تخيير الشعب بين العدالة والفتنة.