IMLebanon

بيكار الحاكم بأمره

 

آخر إبداعات الحاكم بأمره شلل حكومي مقنع وعصي على تدوير الزوايا ما لم يتم خضوع المنظومة إلى شرط قبع المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار.

 

وحتى يكتسي الشرط حواشيه ويدعِّم إرتكازاته، جاءت إشتباكات “زاروب الفرير”، وكأنها معلبة حتى بضحاياها، وباتت تنافس، وفق معيار طائفي، بمفاعيلها أكبر جريمة شهدها القرن الحالي مع تحويل العاصمة اللبنانية إلى ركام، ليقترن قبع البيطار بالإعدام السياسي لحزب “القوات اللبنانية” ورئيسه المطلوب إلى جلسة إستماع في المحكمة العسكرية.

 

العدة جاهزة، و”بيكار”، “حزب الله”، يوسِّع الدوائر، مع تشاطرٍ عكسه وزير الثقافة محمد مرتضى الذي نفى توجُّه وزراء الثنائي إلى مقاطعة إي دعوة لإنعقاد جلسات مجلس الوزراء اذا ما دعا رئيسه نجيب ميقاتي إلى ذلك.

 

لكن… كلام مرتضى على هواء البث تمحوه الوقائع على الأرض… فمنذ جلسة 12 تشرين الأول التي كانت الأخيرة في حكومة ميقاتي الوليدة. فلا دعوات ولا تصريحات عن السبب الفعلي لهذا التوقف القسري للعمل الحكومي. وعلى اللبنانيين الإكتفاء بنتائج إجتماعات مكثفة في المقرات الرئيسية والوزارية حول شؤون إقتصادية ومالية وحياتية، لأن ما باليد حيلة مع منظومة ارتضت بحكم التبعية للحاكم بأمره.

 

وفي حين يبقى هذا التوقف مرشحاً للإستمرار، مع تنصل من المسؤولية عنه، تبقى الأزمات على عصفها وتداعياتها الكارثية، وتطير أسعار المواد الأولية التي تقصم ظهر المواطن، إلى مستويات غير مسبوقة، بحيث يتحوَّل مطلب تنحي البيطار إلى حالة شعبية مقابل الإفراج عن بعض إستقرار يتيح للبنانيين إلتقاط الحد الأدنى من أنفاسهم ويمكنهم من شراء رغيف خبز تتقاسمه العائلة، لأن ربطة الكيلو بأرغفتها العشرة ولَّت إلى غير رجعة، على ما يبدو.

 

وغني عن التذكير أنه ووفق القاموس الممانع، يبقى اللهاث خلف هذا الرغيف الدنيوي أمراً ثانوياً مقابل التصدي لتدخل السفارات، لا سيما الأميركية، بصفتها الشيطان الأكبر الذي يعيث خراباً في القضاء والانماء والامن والمال وغير ذلك… ويحرك شياطينه الصغيرة التي تفرِّخ وفق الحاكم بأمره.

 

وبناء على برنامج آلة التفريخ، تم الإيعاز، إن بالإقناع أو بالإرغام لتلبية فتوى شرعية، لباها بعض أهالي شهداء المرفأ، وبالصدفة من عائلات زهر الدين والمانع وعباس، لشيطنة البيطار والطلب إلى وزير العدل قبعه عن الملف لعلتي الارتياب والخشية على الأمن والسلم الأهليين، ليتساوى بذلك القاتل والقتيل في إستغلال القضاء والقانون وفق إحتياجات الحاكم بأمره.

 

لكن لا شيء يحصل بالصدفة، هكذا علَّمتنا تجارب السنوات الماضية. ولا بد لنا من ترقب حصيلة التشاطر المقرونة بخبيصة الشيطنة. وعدا الإطاحة بالتحقيق، وهو المطلب الأسمى في أجندة الحاكم بأمره، لا بد من ترقب آثار حملة العداء لفريق “مسيحي”، على يد فريق “شيعي”، وردود الفعل الغرائزية طائفياً عبر هاشتاغ “بتهددنا-بتوحدنا”، عشية إستحقاق إنتخابي، ما يكرِّس الإصطفاف الطائفي، وما يمهد لنسف جهود الخارجين عن المنظومة والمطالبين بقبعها عبر صناديق الإقتراع، ليمر هذا الإستحقاق، إن لم يتقرر إلغاؤه في ليلة ظلماء بحادث أمني أكثر فظاعة من حادث “زاروب الفرير”… كأننا لم نعش ونشهد 17 تشرين الأول 2019، ولا جريمة تفجير المرفأ وإنهيار كل مقومات العيش وتجويع اللبنانيين وصولاً إلى تهجيرهم.

 

فإذا حصلت الانتخابات، يكون الحاكم بأمره قد إستبقها ومهد لها بإستخدام دوائر بيكاره ليوسعها بحيث تكرس الصناديق عودة المنظومة إلى ما كانت عليه… وكأن لا شيء حصل في لبنان…