IMLebanon

الثنائي الشيعي : بعد مجزرة الخميس لن نقبل بأقلّ من «الاطاحة بالبيطار»… وهذه السيناريوهات المرجّحة!

الشارع يُوقظ الفتنة… عون يتصل ببري وجعجع طالباً التهدئة

هل يختم القاضي الجريء المسيرة من مُحقق الى مطلوب بتخريجة «تمّت تنحيته قضائياً لا سياسياً>؟

 

«إما البيطار وإما الحكومة» هذه هي المعادلة السياسية القضائية  التي ارساها الثنائي الشيعي عبر الوزير محمد  مرتضى في جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء، والتي شهدت على تهديد مرتضى بالشارع، ما دفع  رئيس الجمهورية الى الضرب على الطاولة واضعا خطا احمر امام القضاء والتضامن الوزاري، هذا كان حتى الاربعاء، لكن ما بعده تبدل المشهد وتبدلت معه المعادلة لتصبح : اما البيطار واما الحكومة او الشارع… وهكذا كان الخميس!

 

نزل امل وحزب الله في تظاهرات ارادها الطرفان سلمية، لكن ما لم يكن يتوقعه امل وحزب الله  وقع، ها هو الشارع يتحول لجبهات قتال اعادت اللبنانيين بالذاكرة الى حقبة ظنوا انها باتت ضمن «تنذكر وما تنعاد»، فاستعادوا لساعات تلك الصور السوداء في زمن الحرب الاهلية بخطوط تماسها المعروفة، الشياح عين الرمانة والطيونة، فلا تزال الدماء التي سالت امس تاركة ٦ قتلى وجرحى ابلغ من اي كلام. فما الذي حصل؟ هل من طابور خامس دخل على الخط؟ وهل ما لم يؤخذ بالسياسة سيؤخذ بقوة الشارع؟ وهل حدود ما حصل انتهى امس او ان المطلوب كما سأل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اسقاط حكومته وتطيير الانتخابات النيابية؟

 

بانتظار ان تتبلور الاجابات على هذه الاسئلة في الايام المقبلة، يبدو ان المواجهة السياسية حتى اللحظة بشأن مصير القاضي طارق البيطار تحتدم، ويبدو معها امكان التوصل لحل مقبول من الجميع وهو قيد الاعداد، كما تؤكد مصادر رفيعة، لافتة الى ما قاله رئيس الجمهورية مساء امس، من اننا ذاهبون لحل الازمة. على حساب من سيأتي الحل؟ هل يُدفع البيطار للتنحي؟ او يأخذ مجلس القضاء الاعلى المهمة؟ من سيتنازل لمن؟ هل يتنازل عون لحزب الله او الحزب لعون؟

 

اكثر من اي وقت مضى يتمسك الثنائي الشيعي بتنحية البيطار؛ اذ تعلق مصادر بارزة في الثنائي على ما يحصل بالقول: بعد المجزرة التي ارتكبت امس من قبل القوات، «ما عاد يمكن ان نقبل اقل من الاطاحة بالبيطار»، (علما ان القوات نفت ان يكون لها اي علاقة بالاشتباكات التي وقعت)، وتكمل مصادر الثنائي لتشير الى انه على ضوء ما حصل اليوم، قد يكون التوصل لحل ممكنا، ونعتقد ان المسألة ستتعالج مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس القضاء الاعلى.

 

وعن الحلول الممكنة، تلفت المصادر الى انه يمكن ان يتنحى البيطار من تلقاء نفسه، ويمكن ان تتم تنحيته باجراء ما، وهنا تتوقف المصادر لتقول: يمكن لوزير العدل الذي كان قدم اقتراحات لمجلس القضاء الاعلى لاختيار محقق عدلي (يوم اختير البيطار) ان يعود ويقدم اقتراحا جديدا لرئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود او العكس.

 

وعلى خط بعبدا، نفت اوساط مطلعة على جوها كل ما حكي عن محاولات قادها مستشارو رئيس الجمهورية لاقناع البيطار بالتنحي، مشددة على ان كل ما نشر هو مجرد اشاعات، ولا يمكن اصلا القبول بالتدخل السياسي بالعمل القضائي.

 

وعما اذا كان تبدل موقف بعبدا المتمسك بمبدأ فصل السلطات، اشارت الاوساط الى ان هذا الامر لا يمكن ان يتبدل، «مش واردة عند رئيس الجمهورية مخالفة القانون والدستور»! واوضحت ان بعبدا مع القضاء ومع تحصين التضامن الحكومي وتخفيض سقف الخطاب المتشدد في مجلس الوزراء الذي تصدى له رئيس الجمهورية عن حق ورفع الجلسة حفاظا على الحكومة. وتابعت الاوساط بان هذه المواءمة بين الامرين تتطلب وقتا، كاشفة عن حلول يُعمل عليها، وشددت على ان « الاطراف اللي طلعت على راس الشجرة بعد الحادث الامني بالطيونة بدون ينزلوا»، فالاستقرار الداخلي والسلم الاهلي  خط احمر بالنسبة لبعبدا.

 

وعن جوهر المشكلة تقول الاوساط: تنحية القاضي ييطار غير ممكنة عبر مجلس الوزراء، بل بقرار قضائي، فاما يتنحى بنفسه او بدعوى ارتياب مشروع مثلا او عبر اتخاذ مجلس القضاء الاعلى اي اجراء ما كتشكيل لجنة تحقق بسلوك القاضي بيطار.

 

لا يختلف جو بعبدا عن البلاتينموم، اذ جددت مصادر مطلعة على جو ميقاتي التأكيد بان رئيس الحكومة لا يزال مع مبدأ فصل السلطات وترك القضاء يأخذ مجراه، كاشفة عن تسويات يعمل عليها لتهدئة الوضع، لاسيما ان اجندة ما يبدو انها فرضت نفسها، وهناك من دخل على الخط لاثارة الفتنة، بحسب مصادر ميقاتي، وهذا الامر متروك للجيش والمطلوب الوعي والروية كما تقول.

 

وفي هذا السياق، وبانتظار ماهية الحل الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية، تقول المعلومات بان الرئيس عون اتصل امس بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري طالبا تهدئة الوضع، واللافت ان رئيس الجمهورية اتصل ايضا، كما تؤكد المعلومات برئيس حزب «القوات» سمير جعجع طالبا منه ايضا «وقف ما يحصل»، لاسيما في مناطق معروفة الانتماء، وبعدما اتهمت امل وحزب الله مجموعات تنتمي لـ «القوات» بالقنص وارتكاب المجازر.

 

صحيح ان لعبة الشارع توقفت مساء امس بعدما نجحت الاتصالات السياسية بوأد النار المشتعلة، لكن ماذا بعد الخميس؟ اوساط بارزة متابعة لجو الاتصالات الحاصلة تجيب بان الايام المقبلة ستشهد على بلورة احدى صيغ الحلول.

 

بالمحصلة، يبدو ان تطويق البيطار من «كل الميلات» نجح، والقاضي الذي اثبت انه الاجرأ رغم كل التهديدات، لن يكمل المسار، وبات مصيره معلّقا كما مصير التحقيق بانفجار الرابع من آب، ولو ان مصير البيطار بات محصورا «بين التنحي»، وهذا ما لن يحصل او «التنحية»، وهنا تكشف مصادر متابعة ان التنحية لن تتم باي قرار سياسي، وهذا امر لم ولن يحصل بتاريخ لبنان ان ينحى محقق عدلي بقرار سياسي، لكن الاتجاه ينحصر بـ 3 خيارات: الاول ان يقترح مجلس القضاء الاعلى تغيير المحقق العدلي فيقترح عندها وزير العدل هنري خوري اسماء بديلة ليتم الاتفاق على احدها، فيما الخيار الثاني يكون العكس صحيح.

 

اما الخيار الثالث فيكون عبر احالة القضية الى هيئة التفتيش القضائي التي تحقق مع المحقق العدلي لمعرفة ما اذا كان هناك من خلل ما وخروقات، فيطلب كف يده.

 

وعليه فالمخرج سيكون عبر القضاء والمؤسسات القضائية، لكن مهما تعددت المخارج، فالواقع واحد : يبدو ان الغلبة ستكون لما رغبه السياسيون لا اهالي ضحايا انفجار الرابع من آب، علما ان مصدرا مطلعا يعلق على كل ما شهده الخميس الاسود بالقول: القضية لم تعد محصورة «بقبع» البيطار، علما ان البعض سيحمّله بلا ادنى شك مسؤولية الدماء التي سالت في شوارع بيروت، لكن البيطار الذي لم يأبه لاي تهديد مستمر بحسب المعلومات بالقضية، لاسيما انه لم يكن من دعا لتظاهرات في الشارع، اما في حال اتّخذ القرار بكف يده، فعندئذ يصبح البيطار امام واقع لا مفر منه، فيودع التحقيق باخطر جريمة عرفها لبنان، ومعه يودع اهالي الضحايا واللبنانيون كل حقيقة وعدالة وعدوا بها ذات يوم بعد الرابع من آب!

 

على اي حال، هي ايام قليلة وتتظهر الامور. هل تنتهي «اسطورة القاضي الجريء» بتخريجة «تمت تنحيته عبر المؤسسات القضائية»؟