في المجالس الخاصة، وفي أكثر من مناسبة حزبية يطرح العونيون مسألة إستمرار وهج تيارهم وبقائه ضمن صفوف الكبار الذين يتقاسمون السلطة في لبنان ومواجهة التحديات المقبلة.
لا شكّ أن “التيار الوطني الحرّ” ورئيسه الوزير السابق جبران باسيل لا يزالان يشربان من نبع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يستعمل اسمه وحضوره من أجل شدّ عصب الجمهور البرتقالي. هناك حدثان بدّلا الأولويات العونية وجعلا التفكير بالمستقبل أمراً واقعاً، الحدث الأول هو انتقال السلطة داخل “التيار الوطني الحر” من العماد عون إلى باسيل، والحدث الثاني والذي أثّر على كل القوى السياسية هو الثورة التي اندلعت في 17 تشرين ووجّهت ضربة عنيفة لكل القوى السياسية ومن ضمنها “التيار الوطني”.
والجدير ذكره أن باسيل هو من خرج من حكومة الرئيس حسان دياب وليس “التيار الوطني”، إذ إن الأخير حافظ على تمثيله بستة وزراء تحت عباءة رئيس الجمهورية، لكن السؤال المتقدّم الذي يطرحه البعض منذ الآن، ماذا سيحل بـ”التيار” عندما تنتهي ولاية عون؟ في حين أن الشعب يرفض عودة باسيل إلى الوزارة ومن الطبيعي ألّا يقبل به رئيساً للجمهورية.
وأمام كل هذه الوقائع، فإن “التيار الوطني الحرّ” إستفاد من تجمهر كل مناصري الأحزاب التي كانت تدور في الفلك السوري والمعادية لليمين المسيحي تحت عباءته، من ثم قاتل بعضلات “حزب الله” بعد العام 2006 لتثبيت دوره على الساحة اللبنانية وأخذ حصّة “الأسد” من الرئاسات والوزارات والمدراء العامين والموظفين والنفوذ.
لكن المتغيرات الداخلية والإقليمية وتطويق إيران، داعمة “حزب الله”، ستؤثر حكماً على قوة “التيار البرتقالي” ونفوذه، في وقت يرى البعض أن الحراك المدني سيأكل مسيحياً من صحن “التيار”، مثلما سلخ عنه نائبي كسروان نعمة إفرام وشامل روكز، العضوين في تكتل “لبنان القوي”، وخلخل عضوية النائبين ميشال معوض وميشال ضاهر.
وأمام الهجمات على قيادة باسيل، يسجّل الأخير إرتياحاً داخل البيت البرتقالي، إذ إنه انتهى من كل معارضيه وباتت الكوادر التي لم ترضَ عن سياسته خارج القلعة البرتقالية. ويردّد عدد من القريبين من باسيل أن العمل سينصب في المرحلة المقبلة على إعادة تنظيم صفوف “التيار”، ففي المراحل السابقة كان جهد باسيل ينصب على الملفات الوطنية الكبرى وعلى الحكومة وعمله ضمن وزارة الخارجية والمغتربين، وحالياً، وبعد عدم المشاركة في الحكومة، فان الأولوية هي للعمل التنظيمي من دون إهمال الملفات السياسية الأخرى.
ويشمل العمل في المرحلة المقبلة الشق السياسي والتقييمي، حيث سيُلقى على عاتق باسيل ومساعديه في قيادة “التيار” القيام بحملة مضادة من أجل إعادة تجميل الصورة، كذلك إحصاء ما سببته الثورة من أضرار داخل البيت البرتقالي، فليس من السهل إقناع الجيل الصاعد بسياسة باسيل، خصوصاً بعدما أصبح الصغار قبل الكبار يردّدون أغنية الـ”هيلا هيلا هو”. أما تنظيمياً، فان القيادة البرتقالية تعيد النظر بهيكلية بعض الأقضية والمناطق بعد مرحلة التراخي التي أحدثتها الثورة، وفي هذا الإطار تُطرح مسألة إستبدال بعض المنسقيات في المناطق المهمة وذلك لمواكبة تطورات المرحلة المقبلة.
لم يكن “التيار الوطني الحرّ” يوماً تياراً عقائدياً أو ذا تركيبة حديدية، بل إنه عانى كثيراً من عدم قدرته على التنظيم، وقد أيده أناس كثر على أساس محبة العماد عون، لكن من المعروف أن الرأي العام وخصوصاً المسيحي منه، يتأثر بظروف المرحلة ومتطلباتها، وقد خاض “التيار” قتالاً تراجعياً في الإنتخابات النيابية، وعلى رغم تحالفه مع مرشحين من غير بيئته، وفي ظل وجود عون في بعبدا، لم يستطع تحقيق الأرقام المنشودة.
من هنا، فإن الوضع حسب المراقبين قد ساء أكثر بعد الثورة ودخول قوى الحراك على الخط، وبالتالي هل ستكون هناك خطة لوقف مسلسل التراجع، أو أن منحى الإنحدار البرتقالي سيستمر؟