اطلقت في الساعات القليلة الماضية دعابة سياسية القصد منها زرع فتنة في صفوف قوى 14 اذار تحديدا بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية على خلفية الايحاء بأن «القوات» قد حسمت امرها بالنسبة الى تأييد ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون في معركة الرئاسة الاولى، على رغم معرفة الجانبين ان ثمة عقبات سياسية تحول دون انجاز الخطوة بشكل سليم، اضف الى ذلك ان العملية تهدف الغمز من قناة «المستقبل» جراء تخليه عن ترشيح رئيس القوات الدكتور سمير جعجع والاستعاضة عنه بترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، مع العلم ان قرار القوات في حال اتخاذه لا بد وان يؤدي الى صراع سياسي من شأنه تغيير الكثير من المعطيات السياسية التي قامت عليها قوى 14 اذار؟!
وازاء ما تقدم فان على القوات ان تعمل حسابا في صراعها السياسي – الانتخابي في حال تخلت عن تحالفها مع تيار المستقبل الذي يدعمها في اكثر من موقع انتخابي في مقدمه مناطق زحلة والكورة وبيروت، وهذا ما يجب ان يعرف من جانب حلفاء القوات اللبنانية مثل حزب الكتائب ومثل حزب الوطنيين الاحرار اللذين سيضطران لان يغيرا في تحالفهما التقليدي اسوة بما سيحصل مع القوات نظرا للضرورات القصوى التي عليها ان تعرف مسبقا ان تخلي القوات عن تحالفاتها التقليدية سيورطها في معارك من الصعب ان تخرج منها؟!
واذا كان هناك من يتوقع ان تكسب القوات من نزاعها مع المستقبل مواقف مؤيدة من جانب التيار الوطني فان حساباتها لن تستقيم بالضرورة لان العونيين سيجدون الفرصة مناسبة لان يأكلوا من صحن القوات عندما يحين اوان ابتعادهم عن المستقبل الى الحد الذي يسمح بالقول ان اكثر من موقع قواتي سيفقد نوابه في حال تقرر جديا ان تغير القوات خط سيرها، حتى وان كان المقصود جرها الى تقاسم المقاعد بينها وبين الاحزاب المسيحية الحليفة مثل الكتائب والاحرار، وهذا مؤكد تماما في حال كانت الخطوة القواتية جدية بالنسبة الى التخلي عن التحالف مع تيار المستقبل، الا في حال تغيرت المعادلة باتجاه اعادة تصحيح العلاقة بحسب ما كان سائدا؟!
ان الخطوة التي اتخذها رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية، قصد منها الخروج من النفق السياسي الذي طال امده وحال حتى الان دون اجراء الانتخابات الرئاسية، اضف الى ذلك ان تأييد الحريري ترشيح فرنجية سيؤدي تلقائيا الى اعادة ضبط اداء الرئاسة الاولى من غير ان يكون ذلك على حساب لعب ورقة الجنرال الذي يستحيل على اي تحالف ان يغير من نظرته الى السلطة فضلا عن ان عون في حال وصل الى الرئاسة سيجد نفسه مضطرا لان يعزز تحالفه مع حزب الله ومع كل ما يعنيه الحزب من علاقة مع سوريا وايران، فيما سيكون التعاطي مع «الرئيس فرنجية» اكثر سلاسة سياسية ووطنية (…)
والذين يرون صعوبة في تفاهم فرنجية مع القوات على خلفية الملف المعروف بينهما، فانهم قد يكونون عل صواب لكن بوسع الطرفين تصحيح اي خلل طارئ، بعكس كل ما يمكن ان يحصل مع العماد عون الذي يجمعه ملف اسوأ بكثير من ذلك الذي بين آل فرنجية والقوات اللبنانية، بحسب اجماع من يعرف طبيعة اللعبة السياسية الشمالية القائمة على حسابات اكثر دقة من كل ما عداها من امور لا مجال للتعاطي معها بعاطفية سياسية تقليدية كما يقال في المجال السياسي العام؟!
وفي مقابل كل ما تقدم فان الحكيم يعرف تماما ان ابتعاده عن المستقبل عموما وعن الرئيس سعد الحريري خصوصا لن يكون من مصلحته بعد كل الذي بناه على ظهر قوى 14 اذار، وهذا مؤكد من جانب الذين يعرفون الخط المسيحي الذي يسعى جعجع الى التحكم به بمعزل عن اي طرف مسيحي اخر، من الضروري ان لا يكون محسوبا على اية جهة فاعلة، خصوصا التيار الوطني الذي وطد مواقعه بشكل من الصعب التأثير عليه بعيدا من تحالف بحجم ما يجمع القوات بتيار المستقبل!
وثمة من يجزم في هذا المجال الى حد القول ان جعجع اذكى من ان يسمح بتضييع حساباته التي بناها على مدى سنين طويلا لمجرد زكزكة علاقته مع العماد عون، لاسيما انه سبق له ان جرب التعاطي غير المجدي معه لعقود، وليس من ينسى كم سنة امضاها في السجن كي لا يتراجع عما يؤمن به؟!