Site icon IMLebanon

التكنوقراط من لينين الى شمعون

 

 

لبنان منشغل هذه الأيام بعبارة ليست جديدة ولكنها مستجدة وهي من كلمتين: «حكومة تكنوقراط».

 

قلّما يتحدّث سياسي من دون أن يأتي على ذكر حكومة التكنوقراط،  يتساوى في ذلك من يعرف، ومن لا يعرف.

 

وحكومة  التكنوقراط (المفترض أنها تضم إختصاصيين في حقول معيّنة) باتت العقدة والحل في آنٍ معاً. فبينما يعتبرها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري هي الحلّ المنشود يعتبرها حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحلفاؤهم وكأنها العقدة. والقصة معروفة ولا ضرورة لإعادة ذكر المواقف.

 

وحتى هذه الساعة، ومنذ تنامي فتطور فهيمنة الأنظمة الديموقراطية، بأشكالها كافةً، في البلدان المتقدّمة من العالم، لم يقر الرأي على نوع الحكومات: هل تكون من السياسيين؟ أو من الإختصاصيين؟ أو مختلطة! وتكثر الإجتهادات في هذا السياق  لدرجة أنّ بلداناً كبرى في العالم تعين لوزارة للدفاع سيدة لم تدخل مرة مدرسة حربية قبل توزيرها. وقس على ذلك في وزارات أخرى.

 

وفي المقابل، بحثت في «ويكيبيديا» لأقرأ الآتي: (بتصرّف):  عندما قامت الثورة البلشفية  في روسيا كان حال الكهرباء بائساً فيها.  كان لينين يحلم بكهربة روسيا ولكنه كان يحتاج لهذا الغرض إلى خبير. ولم يكلف أحداً من أهل الثقة بهذا الأمر، بل طلب أن يجدوا له مهندساً مميزاً من مهندسي الكهرباء في روسيا ولم يكن من البلشفيك، بل كان من معارضي النظام، ترك عمله خوفاً  من البطش وعمل سائقاً للقطار، حتى يخفي نفسه، ولكن التشي كا، المخابرات (الكي جي بي لاحقاً) عرفته فأوقفوا القطار في الشارع العام وأخذوا الرجل عنوة. فظن أنها النهاية فمن يعتقل في ذلك الزمن لا يعلم مصيره إلا الله.

 

تعجب الرجل عندما وصل إلى قصر الكرملين وليس معسكرات الاعتقال كما جرت العادة، فكان وجهاً لوجه أمام لينين الذي إستعان به وأعطاه الصلاحيات الكاملة فنجح في حل أزمة التيار الكهربائي.

 

بدوره ستالين زار مصنعاً للنسيج حيث كان مهندس نسيج مبتدئ يشرح آلية العمل عارضاً تطلعاته ورؤيته المستقبلية فأعجب به وعينه وزيراً لصناعة النسيج. وهذا المهندس الصغير هو ألكسي كوسيغين الذي أصبح رئيساً للوزراء  في الإتحاد السوفياتي.

 

أمّا هتلر فاستدعى أحد كبار مهندسيه الذين إعتمد عليهم في الحرب وطلب منه إعداد قائمة بأبرز المهندسين المتخصصين من مختلف  التخصصات، ولما أعدّها طلب منه هتلر جمع هؤلاء والذهاب بهم إلى جهة محددة (…)

 

إحتج مستشارو الفوهرر وقالوا إننا الآن في أمس الحاجة إليهم، فرد هتلر أن ألمانيا ستخسر الحرب وتدمر، وهؤلاء من سيعيد بناءها من جديد، وحدث توقعه. فأول مستشار بعد هتلر، كونراد اديناور، إستعان بهؤلاء التكنوقراط لتعود ألمانيا أقوى إقتصاد عرفته أوروبا والعالم بعد الحرب.

 

وأعود إلى لبنان لأختم بهذه الطرفة (معتذراً سلفاً عن إحدى الكلمات فيها ). ذات زمن طرح، وبإلحاح، موضوع تشكيل حكومة تكنوقراط. الرئيس المرحوم كميل شمعون كان معارضاً. وفي حلقة ضمت وزراء ونواباً وصحافيين قال: «حكومة تكنوقراط؟ وقت كنا نعرف بالقراطة وين كانوا هالقرطة»؟!