يرأس مجموعات قتالية من «فرقة الرضوان» بالقطاع الأوسط جنوب لبنان
اغتالت إسرائيل قيادياً ميدانياً في «حزب الله» بغارة نفذها سلاح الجوّ على بلدة السلطانية في جنوب لبنان فجر الاثنين. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدرين أمنيين أن الغارة الإسرائيلية «أدت إلى مقتل 3 من مقاتلي (حزب الله) بينهم القيادي الميداني في (قوة الرضوان) عبّاس جعفر».
ويشكل مقتل علي حسين، الذي يحمل اسماً عسكرياً هو «عباس جعفر»، خسارة كبيرة للحزب. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر ميدانية مقرّبة من الحزب في جنوب لبنان أن عباس جعفر «كان يقود في الفترة الأخيرة مهام قتالية ميدانية، ويرأس مجموعات مقاتلة تابعة لـ(فرقة الرضوان) في محاور القطاع الأوسط على الجبهة اللبنانية ـ الإسرائيلية»، مشيرة إلى أن هذا المقاتل «يملك خبرات قتالية كبيرة؛ إذ توّلى كثيراً من المهام العملانية في سوريا، وبقي لسنوات يقود مجموعات قتالية في حلب والبادية السورية وفي ريف دمشق».
وسجّلت إسرائيل هذا الاغتيال ضمن قائمة «الإنجازات» التي تحققها في مواجهتها مع «حزب الله»، ونشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفخاي أدرعي، بياناً عبر حسابه على منصّة «إكس» قال فيه، إن الجيش «قضى على قائد منطقة حجير في (قوة الرضوان) التابعة لـ(حزب الله) والذي كان متورطاً بعلميات إطلاق نار وقذائف عديدة نحو الأراضي الإسرائيلية».
وأعلن أدرعي أن هذا الشخص «كان يخطط لتنفيذ اعتداءات إرهابية ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية». وبعد ساعات على هذه العملية، أعلن الجيش الإسرائيلي «إنهاء مرحلة من الاستعدادات لاحتمال شن عملية عسكرية على حدود لبنان».
ملاحقة تكنولوجية
وينضم جعفر إلى مجموعة من القادة الميدانيين الذين يتولون مهام عملانية وقيادة قطاعات جغرافية في المعركة الأخيرة، واستطاعت إسرائيل ملاحقتهم واغتيالهم. ولم ينعَ الحزب من مقاتليه بصفة «الشهيد القائد» إلا وسام الطويل الذي كان يتولى موقعاً بارزاً في قيادة فرقة النخبة في الحزب (قوات الرضوان).
وثمّة عوامل عدّة تسهّل على إسرائيل عمليات تعقب وتتبّع تحركات قادة وكوادر «حزب الله» في الميدان، ويقول الخبير في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا عامر الطبش لـ«الشرق الأوسط»، إن إسرائيل «تعتمد حالياً على عمليات الرصد جوّاً وأرضاً لتنفيذ مثل هذه العمليات».
ولم تفلح التوجيهات التي أعطاها الأمين العام لـ«حزب الله» إلى عناصره بعدم استخدام الهاتف الجوال، في وقف هذه الاغتيالات، ويقول الطبش: «أصبح الإسرائيلي يخترق التسجيلات الصوتية، ويمكن أن يراقب الشخص المستهدف حتى لو كان جالساً في بيته». ويضيف: «أصبح التفوق التكنولوجي هائلاً لدى جيش الاحتلال، فالطائرات المسيّرة قادرة على تحديد هوية الشخص عبر كاميرات عالية الدقّة، وقراءة بصمة الوجه وتتبع تحركاته، وترسل المعلومات إلى غرفة التحكّم التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل هذه المعلومات».
ويلفت الطبش إلى أن «هناك فارقاً كبيراً بين التقنيات التي كانت تستخدم في عام 2006، التي كانت تعتمد على التحليل البشري الذي يأخذ وقتاً لتحديد الشخص، أما الآن فيجري التحقق من ذلك عبر الذكاء الاصطناعي الذي يعطي المعلومات الدقيقة في ثوانٍ معدودة».
تحذيرات دولية
إزاء التطورات المتسارعة في الجنوب، عبّرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، ورئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، عن قلقهما من توسّع رقعة المواجهات، وأعلنا في بيان مشترك أن «الدورة المتواصلة من الضربات والضربات المضادة، في خرق لوقف الأعمال العدائية، تشكل أخطر انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي (1701) منذ اعتماده في عام 2006». وأكدا أن «التوسع التدريجي في نطاق وحجم المواجهات إلى ما وراء الخط الأزرق يزيد بشكل كبير من مخاطر سوء التقدير ويؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع الذي هو أصلاً مثير للقلق».
وتشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اشتباكات متقطعة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في غزة، حيث أعلن الأمين العام لـ«الحزب» حسن نصر الله أن جبهة لبنان هي جبهة «مساندة لغزة».
وقال المسؤولان الأمميان إن «العنف والمعاناة استمرا لوقت طويل جداً، ويجب أن يتوقفا. إننا نناشد كل الأطراف بشكل عاجل إعادة الالتزام بوقف الأعمال العدائية في إطار القرار (1701) والاستفادة من جميع السبل لتجنب مزيد من التصعيد، بينما لا يزال هناك مجال للجهود الدبلوماسية»، وشددا على «ضرورة التركيز من جديد على الهدف الشامل المتمثل في وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حل طويل الأمد للنزاع». وأضاف البيان أن «العملية السياسية التي ترتكز على التنفيذ الكامل للقرار (1701) والتي تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للنزاع وضمان الاستقرار على المدى الطويل، باتت ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى»، وأن «الأمم المتحدة مستعدة بالكامل لدعم تلك الجهود».