في منتصف حزيران الماضي صدر القانون الجديد للإنتخابات النيابية الذي ستجري وفقه هذه الإنتخابات وهو قانون النسبية. القانون كله جديد:
في إلزامية اللوائح المفتوحة اي بدون ترتيب مسبق لاسماء المرشحين بداخلها، وفي عدم جواز الترشح المنفرد، وفي احتساب الأصوات وإعلان النتائج. وفي اختصار فإنَّ بالإمكان القول إنَّ القانون سهلٌ على الناخب، لكنَّه صعب على آلية إعلان النتائج وطريقة احتسابها، فالناخب يختار بين عدة لوائح مقفلة، وحين يختار لائحة معينة فإنَّ ما يمكنه فعله هو التالي:
وضع علامة أمام الإسم الذي يفضّله، وهو ما بات يُعرف بالصوت التفضيلي، وفي المقابل لا يستطيع أن يشطب أيَّ إسم.
يعتمد على الصوت التفضيلي لترتيب اسماء المرشحين من الاقوى الى الاضعف.
ينتهي دور الناخب هنا في انتظار انتهاء العملية الإنتخابية وبدء عملية الفرز.
بموجب القانون الجديد فإنَّ عملية الفرز الأولى تتم داخل قلم الإقتراع وفق الآلية التالية:
يفتح رئيس القلم صندوق الإقتراع.
يفتح الرئيس كل ورقة على حدة، يقرأ بصوت عالٍ اسم كل لائحة تم الإقتراع لها من قبل الناخبين، ومن ثم اسم المرشح الذي حصل على الأصوات التفضيلية في كل لائحة، وذلك تحت الرقابة الفعلية للمرشحين أو مندوبيهم، والمراقبين المعتمدين في حال وجودهم.
يعلن الرئيس على إثر فرز أوراق الإقتراع الرسمية النتيجة أو يوقّع عليها، ويلصق فوراً الإعلان الذي يتضمن النتيجة هذه على باب قلم الإقتراع، ويُعطي كلاً من المرشحين أو مندوبيهم صورة طبق الأصل عن هذا الإعلان بناءً لطلبهم.
يتضمن الإعلان عدد الأصوات التي نالتها كل لائحة وعدد الأصوات التفضيلية التي نالها كل مرشح.
يُختم هذا الملف بالشمع الأحمر وينقله رئيس القلم ومساعده إلى مركز لجنة القيد بمواكبة أمنية.
إذاً، في مراكز الإقتراع الأولى، كلُّ شيء يَدَويّ واستطراداً لا احتمال للخطأ.
في مركز لجنة القيد في كلِّ دائرة، تبدأ عملية تعداد الأصوات لكل قلم عبر الكمبيوتر المزوَّد ببرنامج متخصص يتولّى عملية العد آلياً.
هنا تبدأ الريبة من خلال طرح الأسئلة التالية:
هل بالإمكان التلاعب بالبرنامج المتخصِّص؟
هل بالإمكان إطلاق سلسلة فيروسات عليه للتلاعب بعملية الإحتساب؟
الأجوبة عن هذين السؤالين هي:
في عالم الكمبيوتر والبرمجة والفيروسات والتلاعب، هناك إمكانية لكلِّ شيء، فحتى أقوى دول العالم تقدّماً في الكمبيوتر والبرمجيات، وقفت عاجزة عن إيجاد الحماية الإلكترونية لبرامجها، فحتى اليوم ما زالت الإتهامات موجَّهة لروسيا بأنها تدخلت إلكترونياً في الإنتخابات الأميركية.
قبل ذلك، نشرت صحيفةبوليتيكو، تحقيقاً بعنوان كيف باستطاعتك قرصنة الإنتخابات خلال 7 دقائق؟
موضحة أنَّ استاذاً في جامعة برينستون العريقة، تواصل مع قراصنة واستطاع اختراق أجهزة تسجيل وحفظ نتائج تصويت الناخبين.
إذا كانت هذه الفرضية ممكنة في أميركا، فما بالكم في لبنان الذي يخوض للمرة الأولى تجربة الفرز الإلكتروني؟
السؤال هنا:
هل احتاطت الحكومة لهذا الأمر؟
الجواب المباشر أنَّه ورد في القانون ما يلحظ هذا التحول من خلال مادة تقول:
يُعاد العدُّ يدوياً إذا كان هنالك اختلاف في عدد الأصوات بين نتائج محاضر قلم الإقتراع ونتائج الحاسوب المبرمج.
هذه المادة هي إقرار بأنَّ الإختلاف في عدد الأصوات بين نتائج محاضر قلم الإقتراع، ونتائج الحاسوب المبرمج واردة. ولهذا السبب بدا المشترع محتاطاً جداً، فأقرَّ في القانون حفظ الأوراق لئلا يظهر التلاعب لاحقاً، فجاء في القانون:
تحفظ لدى مصرف لبنان، بصورة سرية، أوراق الإقتراع ضمن رزم تشير إلى الأقلام الواردة منها، وذلك لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان النتائج، ثم تُتلف من قبل وزارة الداخلية والبلديات بموجب محضر وفق الأصول ما لم تكن موضوع مراجعة أو طعن أمام المجلس الدستوري.
كلُّ هذه الإجراءات الإستباقية تُظهر بما لا يقبل الشك والتشكيك أنَّ الكمبيوتر، كالإنسان، ميَّالٌ إلى التزوير.