IMLebanon

تمريرة اللهيان وإحباط دور بري

 

وجدت طهران أن لا بد من أن ترمي بثقلها في ممارسة ضغط مقابل الضغط الذي تمارسه فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والسعودية من أجل تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، اقتضت المواصفات المطلوبة لها ألا يكون لفريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أي هيمنة عليها، أو قدرة على عرقلة أعمالها والإصلاحات، كما حصل في الحكومات الثلاث السابقة منذ بداية العهد..

 

هذا ما تجلى في تغريدة مساعد رئيس مجلس الشورى الإيراني حسين أمیر عبد اللهیان ليل الخميس الماضي بأن “‏الولايات المتحدة‏ وفرنسا والسعودية تنتهج ‏سياسة عدم وجود حكومة قوية والانقسام وإضعاف المقاومة”، مشيراً إلى أن “مثلث المقاومة والجيش والحكومة اللبنانية هو الرابح الرئيسي”، موحياً بأن الحكومة والجيش يجب أن يكونا على صورة المقاومة.

 

لم يتأخر “التيار الوطني الحر” في التقاط الرسالة. فالبيان الصادر عن مجلسه السياسي يوم السبت شن هجوماً جديداً على الرئيس المكلف سعد الحريري، وعلى “الأسس التي يطرحها لتأليف الحكومة” مكرراً اتهامه بأنه يسعى إلى الحصول على النصف زائد واحد فيها، مقابل رفض الحريري حصول فريق الرئيس ميشال عون على الثلث المعطل. ولم تترك صياغة رئيس “التيار” جبران باسيل للبيان تهمة للرئيس المكلف إلا ووجهها إليه. كالعادة، يتهم باسيل الآخرين بما هو متهم به.

 

ليست المرة الأولى التي يتلقى فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تمريرة من الفريق الذي يختبئ وراء الرئاسة، أي الفريق”الممانع”، إزاء تأليف الحكومة بالمواصفات التي وضعتها المبادرة الفرنسية. التمريرة جاءته هذه المرة من إيران مباشرة ولم تكن “محلية” من “حزب الله”، الذي يوحي بالحياد بين الحريري وبين الحليف العوني فيبلغ الرئيس المكلف والوسطاء المحليين والدوليين أنه ضد الثلث المعطل الذي يطلبه عون، لكنه يمتنع عن الضغط على عون وصهره، كي يبديا ليونة إزاء مشروع الحريري بحكومة الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين الذين يوحون بالثقة للمجتمع الدولي وللبنانيين… فـ”الحزب” أرسل تمريرات عدة إلى عون وباسيل منذ تكليف السفير مصطفى أديب بتأليف الحكومة حين أصر على استثناء حقيبة المال من المداورة واحتفاظ الطائفة الشيعية بها، الذي كان حجة الفريق الرئاسي لاحقاً بأن الحريري لا يعتمد وحدة المعايير.

 

قضت المناورة في الأشهر الماضية بالانتقال من حجة إلى أخرى، وبأن ينفي عون و”التيار” سعيهما إلى الثلث المعطل، لكن بالعمل للحصول عليه بحجة أحقية رئيس الجمهورية في تسمية الوزراء المسيحيين، واتهام الحريري بمصادرة حق الرئاسة والافتئات على صلاحياتها وحقوق الطائفة.

 

نزل “الحزب” مرات عدة إلى حلبة الضغوط المتبادلة بين الفريق الرئاسي وبين الحريري والقوى المحلية والخارجية التي تدعم المبادرة الفرنسية، تارة حين تولى إعلامه الترويج لحق رئيس الجمهورية “بالشراكة” في تسمية الوزراء المسيحيين، وأخرى حين اقترح حكومة الـ20 وزيراً، ثم حين طالب بالحكومة التكنو – سياسية. وفي كل من هذه المحطات كان الفريق الرئاسي يبتدع حججاً يتقنها، للتصعيد ضد الحريري.

 

تغريدة اللهيان جاءت غداة انزعاج سفراء الدول الثلاث التي تم ذكرها من تأخير الحكومة، والتمهيد لموجة ضغوط جديدة لتسريع ولادتها، في وقت تعززت لدى المعنيين مقاصد طهران بأن لا حكومة قبل التفاوض الأميركي الإيراني. والخلاصة من التحاق بيان باسيل بها القضاء على الوساطة التي كان ينوي القيام بها الرئيس نبيه بري، بناء لتسليم من الحريري بها تحت سقف حكومة المستقلين اللاحزبيين، بلا ثلث معطل. والنتيجة تكرس الانطباع العام برفض الفريق الرئاسي الحريري في رئاسة الحكومة.