IMLebanon

طهران رفضت التجاوب مع مساعي فرنسا للمساعدة في حلِّ الأزمة السياسية في لبنان

وزير خارجية فرنسا لم يلمس أي تبدّل في تدخلات إيران السلبية بالمنطقة بعد التوقيع على الإتفاقية النووية

طهران رفضت التجاوب مع مساعي فرنسا للمساعدة في حلِّ الأزمة السياسية في لبنان

زيارة الوزير فابيوس لطهران أكدت مخاوف فرنسا من استمرار إيران بسلوكياتها الضارة وتعاطيها السلبي مع أزمات المنطقة

يكشف مصدر ديبلوماسي غربي النقاب عن أن زيارة وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس إلى إيران وهي الزيارة الأولى لأرفع مسؤول غربي لهذا البلد بعد التوقيع على اتفاقية الملف النووي الإيراني مع الدول العظمى، لم تكن بداعي التسابق لإعادة العلاقات الفرنسية – الإيرانية المقطوعة منذ سنوات عديدة ولا بدافع الفوز بحصة كبيرة من الاستثمارات وبيع المنتوجات والصناعات الفرنسية للسوق الإيرانية العطشى لمثل هذه المعدات فقط وهي خطوات طبيعية ومشروعة بعد انتهاء إجراءات رفع الحظر المفروضة، بل كان أبعد من ذلك بكثير والهدف الأساسي للزيارة تمحور حول اختبار مدى إمكانية تبدّل سلوك النظام الإيراني بعد التوقيع على الاتفاقية المذكورة بخصوص كيفية تعاطيه مستقبلياً مع العديد من الملفات والقضايا والمشاكل التي يتدخل فيها بشكل مباشر وغير مباشر بالتمويل المالي وبالسلاح لمد نفوذه بالقوة كما يحدث في لبنان والعراق وسوريا واليمن وضرورة إقناع طهران بالتعاطي مع هذه القضايا بطرق وأساليب مختلفة تساهم في خفض التوترات وإنهاء النزاعات المتواصلة بشكل إيجابي بما يحفظ أمن المنطقة ويؤدي إلى إقامة علاقات بنّاءة وطبيعية بين مختلف دولها.

ولا يُخفي المصدر طموح فرنسا لإقامة علاقات جديدة مع إيران والتأسيس لمرحلة جديدة بين البلدين تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة لكل منهما وتتجاوز سلبيات وترسبات سنوات القطيعة الماضية وأضرارها وانعكاساتها الضارة، وهو ما حرص على إظهاره بكل وضوح الوزير فابيوس للمسؤولين الإيرانيين بالإضافة إلى اصراره على ضرورة إنتهاج طهران لسياسة منفتحة وإيجابية مع جيرانها العرب ومطالبته كذلك بدور ايجابي وبنَّاء في حلحلة الأزمات القائمة وخصوصاً من خلال الضغط على حلفائها أو ادواتها للامتناع عن القيام بأعمال وممارسات سلبية ضارة وخصوصاً في لبنان، إلاَّ ان هذه الرغبة الفرنسية الصريحة اصطدمت بموقف إيراني يرتكز على محاولة هؤلاء المسؤولين الإيرانيين الفصل بين معاودة العلاقات الإيرانية مع فرنسا والدول الحليفة لها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وتطبيعها والاستفادة القصوى من إجراءات رفع الحظر المفروض على ايران بكل مفاعيله الإيجابية وبين استمرار النظام الإيراني بالتعاطي مع ملفات المنطقة بالعقلية والاساليب ذاتها، الأمر الذي يزيد من إذكاء الصراعات والحروب ويُبقي الأوضاع مأزومة وفي حالة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط كلّه.

ويشير المصدر الدبلوماسي البارز إلى ان وزير الخارجية الفرنسية لم يفاجأ بالموقف الإيراني الذي سمعه خلال زيارته لطهران، لأن فرنسا بالاساس لم تكن مقتنعة بإمكان حدوث تبدل في التعاطي الإيراني مع أزمات المنطقة وخصوصاً التدخل العسكري الإيراني من خلال الميليشيات المستحدثة والتابعة لها، إن كان في لبنان أو اليمن أو العراق وسوريا، بعد التوقيع على اتفاقية الملف النووي الإيراني مع الدول العظمى، لأنها تعرف كيف يتصرف النظام الإيراني وابعاد طموحاته الضارة وقد اختبرته مراراً في الماضي من دون جدوى وكانت من أكثر الدول التي أبدت شكوكها خلال المفاوضات النووية الشاقة وعلى هامشها وابلغت حلفاءها وخصوصاً الولايات المتحدة عدم إمكانية حصول أي تغيير في سلوكيات وتدخلات النظام الإيراني في شؤون دول المنطقة العربية بعد التوقيع على اتفاقية الملف النووي الإيراني.

ويلفت المصدر الدبلوماسي الغربي إلى ان فحوى زيارة الوزير فابيوس إلى طهران، أظهرت بوضوح ان فرنسا كانت على حق في مخاوفها من استمرار النظام الإيراني بسلوكياته الضارة وتعاطيه السلبي مع أزمات  المنطقة، خلافاً لكل محاولات المسؤولين الأميركيين ورغباتهم في المراهنة على تبدل سلوكيات النظام بعد التوقيع على الاتفاقية النووية مع دول الغرب، وقد نقل الوزير الفرنسي ما سمعه من المسؤولين الإيرانيين إلى نظيره الأميركي وبيّن فيه صوابية موقف فرنسا الصائب من هذه المسألة المهمة ودعوته له بتوخي مزيد من الحذر في مقاربة الموقف الإيراني وضرورة التحسب واتخاذ ما يلزم من إجراءات بالتعاون مع دول المنطقة لكبح جماح التدخل الإيراني في المرحلة المقبلة بالرغم من التوقيع على الاتفاقية النووية.

وفي تقدير المصدر الديبلوماسي الغربي فإن طهران حاولت قدر الإمكان توظيف زيارة وزير الخارجية الفرنسية لصالحها وإعطاء إنطباع بحاجة الغرب إليها وليس العكس، مع إصرار المسؤولين الإيرانيين على إظهار تمسكهم بسياستهم وتدخلاتهم في الدول العربية المجاورة ورفضهم التجاوب مع الوزير الفرنسي بالمساعدة في حلحلة الأزمات القائمة وخصوصاً في لبنان باعتبار أن ما يحصل هو شأن داخلي لا يتدخلون فيه خلافاً للواقع، إما لأنهم يريدون أثماناً كبيرة مقابل مساعدتهم لحل هذه الأزمات في الدول المعنية وخصوصاً في سوريا، أو لأنهم إذا أرادوا بالفعل تقديم أي مساعدة وازنة فلن تكون لفرنسا، بل للولايات المتحدة الأميركية دون غيرها لأنها زعيمة العالم والمقابل سيكون أكبر بكثير.