IMLebanon

طهران في موسكو… ولبنان في ثلاجة الإنتظار

 

تستعيد العاصمة الروسية موسكو نشاطها الديبلوماسي حيث لم تستطع جائحة “كورونا” وقف مسار التقلبات السياسية والتحولات التي يُفترض أن تكون كبرى وتبدأ غداً بسريان مفعول قانون “قيصر”.

 

“إذا أردت أن تعلم ماذا سيجري في لبنان والمنطقة عليك أن تعرف ماذا يدور بين موسكو وواشنطن”، ربما هذه المقولة تجسّد الواقع الحقيقي لما يحصل، إذ إن المفاوضات الأميركية- الروسية ما زالت تُطبخ على نار خفيفة بانتظار ما ستحمله الأسابيع والأشهر المقبلة من تطورات.

 

وفي السياق، تؤكّد مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف الروسي لـ”نداء الوطن” أن موسكو تعمل على أكثر من جبهة، وعلى رأس تلك الجبهات سوريا وليبيا، وهي تعير هذين الملفين إهتماماً كبيراً بعدما بردت الأجواء في أوروبا الشرقية وباتت سوريا هي الحدث.

 

وعلمت “نداء الوطن” أن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف إستأنف نشاطه بعد أزمة “كورونا” لكن بحذر وذلك من أجل متابعة ملفات المنطقة، وفي السياق فقد استدعى على إنفراد الأسبوع الماضي كلاً من سفراء تركيا ومصر وسوريا في موسكو للتباحث في ما يجري.

 

وقد ركّزت مباحثاته مع سفيري تركيا ومصر على ما يحصل في ليبيا وتطورات الأزمة هناك، بعد الدخول التركي على خطّ الأزمة ومحاولة الرئيس رجب طيب أردوغان لعب دور في ليبيا، في حين أنه من الضروري لموسكو أن تطّلع على رأي القاهرة لأنها جارة ليبيا، ولا تريد روسيا أن تكون على هامش اللعبة الليبية بعدما “إنغشت” العام 2010 لدى انطلاق الثورة هناك وباتت خارج اللعبة.

 

أما بالنسبة إلى لقاء بوغدانوف مع السفير السوري، فهو يأتي ضمن اللقاءات الدورية التي تعقد خصوصاً أن سوريا واقعة تحت “الوصاية” الروسية، والتنسيق دائم بين الطرفين قبل إنطلاق موعد قانون “قيصر” الأميركي، واشتداد وطأة التظاهرات في سوريا الداعية إلى إسقاط النظام رداً على الوضع الإقتصادي المتردّي هناك.

 

عملياً، إن الإتصالات تجرى على قدم وساق من أجل تحديد بوصلة إتجاه الأمور، في حين أن وزارة الخارجية الروسية قد تستعيد نشاطها المعتاد في أوائل شهر تموز المقبل إذا لم يحصل أي طارئ أو انتشار ثانٍ أكبر لموجة “كورونا”، وفي هذه الأثناء كانت أنقرة ستشهد قمة روسية – تركية حيث كان من المقرّر أن يزورها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو، للقاء نظيريهما التركيين مولود تشاووش أوغلو وخلوصي أكار في قمة يُطلق عليها مصطلح “اثنين مقابل اثنين”، حيث تقتصر على وزيري الخارجية والدفاع في البلاد التي يزورانها، وقد عقدت موسكو مثل هكذا قمم مع 5 دول فقط أبرزها مصر وإيطاليا وتركيا.

 

وتوضح المصادر الديبلوماسية أن قمة تركيا كانت ستركّز على الملف الليبي وضرورة توحيد الجهود هناك ما يحفظ أمن وسلامة البلاد ومصالح الدول الفاعلة، في حين أن أزمة سوريا كانت ستحضر بقوة، لكن وجود خلافات جوهرية تتعلّق بالملف الليبي دفعت لتأجيل هذه الإجتماعات، على أن يُستكمل التشاور بين البلدين.

 

لكن اللقاء الأبرز سيكون اليوم حيث يزور موسكو وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ليومين بعدما عرّج على تركيا، وتأتي أهمية هذه الزيارة بعد الحديث عن تنامي الخلاف الروسي – الإيراني على أرض سوريا ورغبة موسكو في إنهاء النفوذ الإيراني هناك، والحديث عن صفقة تقضي برحيل الرئيس بشار الأسد.

 

وتشير المصادر الديبلوماسية إلى أن زيارة ظريف ستكون إستكشافية في الدرجة الأولى، وذلك لمعرفة ماذا يدور من مفاوضات بين واشنطن وموسكو وكيف ستؤثر تلك المفاوضات على مصير العلاقات الروسية – الإيرانية، ومحاولة رأب الصدع والوصول إلى تفاهم ما، في حين أن البحث الأساسي سيتركز أيضاً على مستقبل النظام السوري في حال تمت الصفقة الأميركية – الروسية ودور طهران إذا ما وصلت الصفقة المرتقبة إلى خواتيمها السعيدة.

 

وتلفت المصادر إلى أن “الأساس هو تنظيم الخلافات بشأن المصالح المتضاربة في سوريا والتي تزداد مع الوقت بخاصة بين روسيا وايران، لكن صيغة استانا (روسيا – تركيا – ايران) لا تزال صامدة وستبقى في المدى المنظور الى حين نضوج الإتفاق الاميركي – الروسي، والمتوقع بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية”. وتشير إلى أن الإهتمام الروسي في لبنان يأتي من ضمن الإهتمام بشؤون سوريا، وتداعيات الوضع هناك على الملف اللبناني ككل.وأمام كل تلك التطورات، يبقى لبنان موضوعاً في ثلاجة الإنتظار ويبحث عن بارقة أمل في ظل إعادة خلط أوراق المنطقة وإنطلاق قطار قانون “قيصر” وخوف “حزب الله” على مصيره، واتهام خصومه بمحاولته أخذ لبنان رهينة للضغط على الأميركيين لئلا تحصل الصفقة خلف “ظهره”، في حين أن كل التأكيدات تدل على أن لبنان سيتأثر في ما يحصل في المنطقة وسيتراجع النفوذ الإيراني، وما الإضطرابات التي تحدث على أرضه إلا صدى لما يدور في عواصم القرار الكبرى ويتغذى بنار الأزمة الإقتصادية – السياسيّة.