على ما يبدو أن تظاهرات الفرح في طهران بالاتفاق النووي بين إيران وواشنطن كانت أسرع من تظاهرات الفرح التي جرى الإعداد لها في الضاحية الجنوبية لبيروت لو انتصرت الاندفاعة الإيرانية في الوصول الى باب المندب اليمني. لم يكن الامام خامنئي يتمنى مشاهدة جموع الايرانيين يحتفلون بالاتفاق مع “الشيطان الاكبر” وهو الاتفاق الذي قال فيه أحد سكان طهران: “صرنا قادرين الان على أن نعيش في شكل طبيعي كما بقية العالم” في الوقت الذي كان خامنئي يتطلع الى انتصار باهر في قلب العالم الاسلامي يغطي “الموت لأميركا… الموت لإسرائيل”.
قبل ساعات قليلة من الاعلان عن الاتفاق النووي، كان”حزب الله” يدين بشدة “الحرب العدوانية السعودية – الأميركية “ضد اليمن.
الغضب الذي صبّه السيد حسن نصرالله على السعودية صاغه بلغة هادئة جنرال روسي يحتل موقعا إستشاريا في المجلس القومي الروسي على هامش مشاركته في ندوة أمنية استضافتها بيروت قبل أيام عندما قال لأحد محدثيه:”فاجأتنا السعودية في اليمن”. وشرح هذه العبارة بالقول ان سرعة التحرك السعودي لمنع سقوط اليمن في قبضة حلفاء إيران كان غير مسبوق. ولم تقتصر المفاجأة على الجنرال الروسي بل امتدت أيضا الى السفير الايراني في بيروت الذي غمرته الدهشة وهو يرى الصمت يلف عشرات التنظيمات السنيّة التي تدعمها طهران فلا يصدر ولو صوت واحد منها يدين السعودية على ما فعلته في اليمن. وقد نقل تذمره الى مسؤول في “حزب الله” ينسق مع هذه التنظيمات لكن هذا التذمر لم يجد آذانا صاغية عند من راجعهم هذا المسؤول. وهكذا ، اضطر نصرالله الى الظهور غاضبا ثم أكمل وزيراه المهمة في مجلس الوزراء لكن النتيجة كانت أن “حزب الله” بقي وحيدا في غضبه معزولا في خيبة أمله.
لم يكن مألوفا من السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري أن يردّ، كما فعل في البيان الذي أصدره أخيرا رداً على نصرالله. فالسفير عسيري المعروف بحسن علاقاته مع جميع الاطراف بمن فيهم “حزب الله” أحدث مفاجأة سياسية سعودية في لبنان على غرار المفاجأة الامنية السعودية في اليمن. وعلى رغم الانتقادات التي أثارها وزيرا “حزب الله” في مجلس الوزراء بحق عسيري واصل الاخير قول ما يجب قوله وهو: “المطلوب أن لا تتدخل إيران في أي دولة عربية”. لكن اللافت أن زميله الايراني فتح علي ما زال حتى الان معتصما بالصمت.
الاحداث تتسارع في المنطقة ومن المبكر تحديد نتائجها. لكن ما هو مطروح للمتابعة هو ورقة التوت التي سيغطي بها مرشد الجمهورية الاسلامية عري الاتفاق النووي. في ذاكرة اللبنانيين لا تزال حرب تموز عام 2006 التي بررت لطهران عدم تجرّع كأس سم التنازلات في الملف النووي. فهل من حرب أخرى لـ”حزب الله” من أجل تحلية السم؟