IMLebanon

نوَوي طهران وانتخابات نتنياهو

قد يُفسّر البعض خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس بأنّه لرفع حظوظه في الإنتخابات العامة الإسرائيلية، أو بأنه تكرار لما درجَ على قوله منذ العام 1992 عن مدى خطورة طهران على منطقة الشرق الأوسط. وقد يقول البعض إنّه خطاب قد يحشد فعلاً لغالبية موصوفة داخل الكونغرس الاميركي تقف في وجه فيتو الرئيس باراك أوباما الداعم توقيع هذا الإتفاق.

أمّا طهران فتنظر إلى هذا الإتفاق كانتقال نوعي لها من الحالة الإقتصادية الحرجة التي تمرّ بها، بحيث يتمّ الإفراج عمّا يفوق مئة مليار دولار أميركي دفعةً واحدة، في حين يؤكّد أوباما أنّ هذا الأمر سيمتدّ لعشر سنوات تترافق مع تجميد المشروع النووي الإيراني عشر سنوات في مقابل الإفراج عن الأموال المجمّدة خلال هذه الفترة.

وقد كنّا كتبنا عن هذا سابقاً، إذ إنّ مجرّد إقرار الولايات المتحدة الإفراج عن 700 مليون دولار أميركي شهرياً، يعني أنّ الإفراج الكامل لن ينتهي قبل عشر سنوات.

وإذا تعَنّتَ الطرفان في موقفهما، فإنّ تمديد مهلة التفاوض إلى ما بعد 30 حزيران المقبل لبضعة أشهر إضافية لن يكون إلّا هروباً إلى الأمام، إذ يعتقد البعض أنّ التأجيل هو لمصلحة طهران في إطار التخصيب وتسريع الحصول على قنبلة نووية، لكنّ التأجيل ليس في مصلحتها من الناحية الإقتصادية، خصوصاً أنّ الإفراج عن الأموال المجمّدة سيترافق مع إعادة وضع طهران على الخريطة الإقتصادية العالمية لجهة التعامل معها وانتقال الأشخاص والمواد والسِلع.

أمّا ما يدعم فكرة إحباط هذا الاتفاق، فهو الواقع العربي والخليجي الذي لا يمكن فصله عنه، بحيث يَعتبر الفريق المناصر لطهران أنّ اتّفاقاً مماثلاً يعني تعزيز دور طهران في المنطقة التي باتت تسيطر على أربع دوَل عربية حتى الآن، فيما مشروع السيطرة على دوَل أخرى يسير على قدَمٍ وساق، في مقابل بدء جهوز أرضية سنّية لمواجهة هذا الإنفلاش الايراني، وهو سيكون مدار نقاش جدّي في المؤتمر المنوي انعقاده في شرم الشيخ، حيث ستكون لمصر والسعودية الكلمة الفصل في ذلك، تدعمهما دوَل الخليج وبعض الدول العربية التي تشعر بحجم الخطر الإيراني على المنطقة.

أمّا الاتّفاق النووي المنوي توقيعه مع الولايات المتحدة، فإنّ الدول الخمس الباقية ليست بمعزل عنه، وبعضها كان لها موقف من طهران عندما دعمَت هذه الأخيرة الحوثيين للإنقلاب على الحكم في اليمن، كما تربطها علاقات وطيدة بإسرائيل وأخرى بالعالم العربي المتضرّر من تقدّم الدور الإيراني في المنطقة، لا بل إنّها تَعتبر أنّ الإفراج عن الأموال الإيرانية سيزيد من فرَص بسط نفوذ طهران في المنطقة.

يُذكر أنّ حشد غالبية ثلثَي أعضاء مجلس الشيوخ ليس صعباً لتأكيد القانون الذي يصوّت عليه مجلسَا الشيوخ والممثلين وفقاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة الأولى من الفصل السابع من الدستور الأميركي الصادر في 17/9/1787، بحيث لن يكون من السهل على الرئيس الأميركي التنازل عمّا يُضمره علناً بالنسبة إلى الاتّفاق النوَوي مع إيران، خصوصاً في ضوء المعطيات على الأرض في تكريت والموصل في العراق الذي تشرف فيه إيران على كلّ العمليات العسكرية، بحيث يبقى أنّ ما أشار إليه نتنياهو ليس بجديد، لكنّه واقعٌ ملموس في المنطقة لم يتجرّأ أيّ مِن قادة الدوَل الأربع على نفيِه ولو أنّه ليس مطلوباً التبرير لإسرائيل.