IMLebanon

تل أبيب تُصوّب على الجيش اللبناني  . كيف ولماذا؟  

ترتفع في اسرائيل هذه الايام الاصوات محذرة من الاخفاقات المقبلة، في ظل خطإ تل ابيب الكبير في تفسير الهدوء السائد على الحدود الشمالية في غير محله باعتباره احدى ثمرات الردع المستمر منذ ثماني سنوات، المتبخر امام قوة حزب الله المتراكمة والمتعاظمة، رغم إدراك إسرائيل انشغاله في القتال في سوريا، حيث اكتسب خبرة في القتال وإدارة المعارك على نطاق واسع، وحتى في استخدام منظومات سلاح وأساليب قتال جديدة. شعور اربك الكثير من القادة العسكريين والسياسيين، وجعلهم أشد تحسسا تجاه احتمالات الواقع المقبل.

وبحسب الاعلام الاسرائيلي نقلا عن ضباط في القيادة الشمالية، فان «وحدات حزب الله ورغم انشغالها على الجبهة الداخلية السورية، فهي تواصل استعداداتها المكثفة للحرب المقبلة مع اسرائيل من خلال عمليات نقل السلاح المستمرة الى منطقة جنوب الليطاني في خرق واضح لموجبات القرار 1701، تحت نظر وسمع قوات الطوارئ الدولية المعززة، العاجزة عن الحركة في ظل قواعد الاشتباك الحالية التي ترعى تحركها في تلك المنطقة».

ويقول الضباط الاسرائيليون في القيادة الشمالية انه رغم تعاوننا الكامل مع اليونيفيل والذي نسلمه دورياً تقارير عن الخروقات والتي يتم عرضها ايضاً خلال الاجتماعات الثلاثية في الناقورة فانه لا تحصل اي متابعة جدية لها.

وفي هذا الاطار، اشتكت القيادات الاسرائيلية من سلوك الجيش اللبناني، زاعمة «علمها ورصدها للتعاون القائم بين الجيش اللبناني وحزب الله»، مشيرة الى ان «الجيش الاسرائيلي يحلل كل ما يجري على الجهة الاخرى من الحدود، ومن بينها تحليل استعدادات الحزب، سواء في القرى أو على صعيد البنى التحتية التابعة له». 

الا ان اللافت، بحسب ضباط الجبهة الشمالية، يتمثل في جرأة عناصر الحزب على التحرك علناً على الحدود مع إسرائيل، لافتين إلى أن عناصر الحزب يستطلعون ويجمعون المعلومات بالقرب من الحدود عن الجيش الاسرائيلي وعن دورياته الراجلة والمؤللة، وفي بعض الحالات بالقرب من المستوطنات، مضيفين ان عناصر الحزب عزّزوا في الفترة الاخيرة نقاط الاحتكاك على طول الحدود مقابل الوحدات الاسرائيلية المنتشرة، كما عززوا دورياتهم على امتداد هذه الحدود، على غرار ما كان عليه الوضع قبل حرب لبنان الثانية، ضمن سياسة «كسر الصمت» المتبعة في مقابل اسرائيل، وفقا للاستراتيحية الجديدة التي اعلن عن خطوطها العريضة امين عام الحزب السيد حسن نصر الله. وعلى خلفية ذلك، تؤكد قيادة الجيش الاسرائيلي على استعداداتها لمواجهة اي محاولات قد يقدم عليها عناصر حزب الله للتسلل إلى داخل المستوطنات المحاذية للسياج الحدودي، «في مسعى منه لاحتلالها لفترة زمنية قصيرة من أجل تسجيل إنجاز»، كما كان سبق لنصر الله ان هدد صراحة في اكثر من مناسبة، من إمكان مهاجمة الجليل واحتلاله في حال نشوب الحرب.

استعدادات تشمل بحسب المصادر العسكرية الاسرائيلية، تدريب وتأهيل الجنود الاسرائيليين على الدخول إلى هذه المستوطنات والرد بشكل مناسب، من جهة، وبلورة خطط لإخلاء المستوطنات الواقعة بالقرب من الحدود اللبنانية، وتلك الواقعة في عمق أربعة كيلومترات بعد إعلانها منطقة عسكرية مغلقة، وسط تكهنات بان يطال الاخلاء التلقائي مناطق لم تشملها الأوامر العسكرية القاضية بذلك، من جهة ثانية. 

احتلال المستوطنات رافقته «فوبيا» متعاظمة من وجود انفاق، التي في آخر تداعياتها، ما اورده موقع صحيفة «معاريف» الذي أشار الى أن مخاوف سكان الحدود الشمالية من حفر حزب الله أنفاقاً هجومية تحت منازلهم، دفع كبار المسؤولين في المجلس الإقليمي لمستوطنات الجليل الأعلى الى زيارة نظراءهم في مجلس مستوطنات أشكول قرب قطاع غزة، للاطلاع على تجربتهم خلال العملية العسكرية الأخيرة في القطاع، ومن ضمنها الاستعدادات اللازمة والمهمات الملقاة على عاتق السلطات المحلية خلال الأزمات. 

الموقع أشار الى أن مخاوف مجلس الجليل الأعلى الذي يضم سبع مستوطنات محاذية للسياج على بعد كيلومتر واحد من الحدود مع لبنان، زادت بعدما شاهد المستوطنون خلال العملية الأخيرة في غزة صور الأنفاق، فيما يؤكّدون أنهم يسمعون أصوات حفر بالقرب من منازلهم، لافتاً الى أن السكان طالبوا المؤسسة الأمنية بالتعامل بجدية مع هواجسهم، والعمل على التحقيق في الموضوع.

بدورها، اكدت صحيفة «تايمز اوف اسرائيل»، ان شكوى السكان وخشيتهم لقيت اصداهما لدى القيادة الاسرائيلية، اذ استجاب وزير الدفاع، موشيه يعلون، لطلبات المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان، وقرر التعامل مع المخاوف بصورة جدية، كاشفة ان ادارة تطوير الوسائل القتالية والبنية التكنولوجية في وزارة الدفاع، تواصلت مع خبراء جيولوجيين من جامعة تل ابيب، وطلبت مساعدتهم في تعقب انشطة محتملة لحزب الله تحت الارض. وقد تأسس لذلك مشروع علمي واسع، لإيجاد رد تكنولوجي على هذا التهديد، فيما اكد مصدر رسمي اسرائيلي أن طبيعة الارض على الحدود مع لبنان مغايرة لطبيعة الارض في غزة، وبالتالي هناك صعوبة في حفر انفاق فيها، الا ان جيولوجياً متخصصاً تحدث للقناة الثانية العبرية، مؤكداً ان الحفر في التضاريس الصخرية في جنوب لبنان ليس بالصعوبة التي تبدو عليه، و«اي نفق عابر للحدود، مع مسافة لا تتجاوز مئات الامتار، قد لا يستغرق انجازه اكثر من ستة اشهر»، علما ان المتحدث باسم الجيش، اشار الى أن الوحدات العسكرية تنفذ تدابيرها واجراءاتها الوقائية والدفاعية على طول الحدود الشمالية، ومن ضمنها تدابير دفاعية وجمع معلومات استخبارية، تتناول ايضاً مسألة الانفاق، باعتبارها أحد التهديدات القائمة والمقدرة على الساحة الشمالية، مؤكدا انه لم يجر حتى الساعة كشف اي نفق او ممر تحت ارضي على الحدود مع لبنان.

حزب الله على وشك تنفيذ عمليات ضد اسرائيل انطلاقاً من الحدود اللبنانية. هذا ما يتبدّى للجيش الاسرائيلي، بحسب تقييماته، ومن خلال رصده للتغييرات الميدانية في الجانب الآخر من الحدود، من بينها أنشطة لعناصر من حزب الله، استعداداً لتنفيذ عمليات «نقطوية» تحذر تل ابيب من انها قد تفضي الى «حرب لبنان الثالثة».

تحذير قد لا يكون جديدا الا ان اللافت فيه الاضاءة على دور الجيش اللبناني لاول مرة بهذا الوضوح. فهل ذلك من باب الضغط الاسرائيلي على الجانب اللبناني بعد فشل تل ابيب في الحصول على تعاون لبنان في الحرب ضد الارهاب ام انه لغاية في نفس تل ابيب؟