Site icon IMLebanon

التدريس عن بعد: العلم للأقدر… والوزارة على بيّنة من المشاكل

 

 

بعد أكثر من أسبوعين على إطلاق عملية التعلّم عن بعد كشفت التجربة خللاً كبيراً، لا من الناحية التقنية فحسب، بل من ناحية التنسيق أيضاً بين الوزارات، ولناحية التشدد في قرار التعبئة العامة في أمور شكلية، كفرض غرامات على من لا يرتدي كمامة، مقابل التراخي وعدم استغلال صلاحيات الحكومة لتحقيق المصلحة العامة ومصلحة الطلاب في هذه الحالة. فحتى الآن لم يُطبق ما تعهدت به الوزارة التي وعدت بمجانية التطبيقات التي يستخدمها التلاميذ للتعلم. ما لم يتح للكثير من التلامذة استخدام التطبيقات لأسباب مادية. بذلك أصبحت العملية التعليمية متوافرة للأقدر مادياً. كما أُطلق المشروع من دون تدريب الأساتذة حتى، فعاشوا حالة من الإرباك وتفاوتت عملية التعليم بين مدرسة وأخرى. ويبدو أن وزارة التربية مدركة جيداً للشوائب التي كشفتها التجربة. وتطمئن مديرة وحدة إدارة ومتابعة برنامج التعليم الشامل في الوزارة، صونيا خوري، عبر «نداء الوطن» التلامذة إلى أن تقييمهم سيتم وفق الدروس التي تدرّس في الصفوف، وتدعو الأهل لعدم التسبب بمزيد من الضغط النفسي لأبنائهم.

 

ويشكو تلاميذ، لا سيما في المدارس الرسمية، من المصاعب المادية التي تعيقهم عن استخدام التطبيقات كـ»تيمز»، فمنهم من حجروا في ضيعهم ولا تتوافر لديهم خدمة الانترنت، ويشتركون بباقات «3G» محدودة بسبب أوضاعهم المالية. فالتطبيق الذي وعدت الوزارات بمجانيته لم يصبح مجانياً بعد. إذ لا تزال وزارة الاتصالات تفاوض الشركات وتبحث معها كيفية القيام بذلك، لتترك الطلاب ضحايا جشع هذه الشركات التي لم تبادر من تلقاء نفسها إلى تفهم ظروفهم. ووفق خوري من المفترض أن يصبح التطبيق مجانياً خلال يومين. وعما يظهره الأمر من تخلف لوزارة الاتصالات عن مواكبة وزارة التربية وسوء التنسيق، تقول خوري: «لا يمكنني القول إن «الاتصالات» لم تواكبنا لكننا كنا أسرع منها». ويطرح تأخر وزارة الاتصالات السؤال عن صلاحية الدولة في فرض الأمر على الشركات في ظروف التعبئة العامة، «الدولة لم تأخذ قرارات فرضية حتى بمسائل أهم، ومن المفترض أن يكون التدخل سياسة عامة تقوم بها مجمل الوزارات كي لا يؤخذ الأمر على وزارة محددة»، وفق خوري.

 

هذا الإرباك لم يصب الطلاب وحسب، بل أصاب الأساتذة أيضاً. وتكشف إحدى المعلمات لـ»نداء الوطن» أن الآلية المعتمدة للتعليم عن بعد لم تتضح للأساتذة بعد، ويواجهون بدورهم صعوبة بالتواصل مع التلاميذ. «لم يدرَّب الأساتذة ولا التلاميذ على استخدام التطبيق، ولم ندرك بعد آلية العمل ولا إن كنا سندرّس بشكل طبيعي أم سنقوم بمراجعة للدروس. استطلعت الوزارة رأي الاساتذة وأغلبهم قال إن الطلاب يتواصلون بشكل أكبر عبر واتساب وبأن تجربة التطبيقات ليست ناجحة». وتشير المعلمة إلى ضعف خبرة فريق المعلوماتية في الوزارة وافتقاده للمهارات المطلوبة، «وهو ما أظهره الخطأ في إصدار نتائج الإمتحانات الرسمية العام الماضي. وهم اليوم يرسلون أموراً سابقة لأوانها ومن ثم يستبدلونها بأخرى، ويعيشون حالة تخبط». وتشير المعلمة إلى اختلاف الإجراءات من مدرسة رسمية إلى أخرى، «فبعض المدارس أرسلت لطلابها كلمة المرور واسم المستخدم فيما مدارس أخرى لم ترسل شيئاً».

 

من جهتها تؤكد خوري أن التعليم عن بعد ليس بديلاً عن التعليم النظامي في الصف، وبأنها مجرد خطوة لإبقاء الطلاب على تواصل مع أساتذتهم وفي جو الدراسة، «كي لا تكون عودتهم إلى المدرسة كعودتهم من العطلة الصيفية». وترى خوري أن الشوائب التي أظهرتها التجربة طبيعية، «من الطبيعي ألّا تكون انطلاقة التجربة سليمة 100%، فحتى لو انطلقت التجربة في الايام العادية لواجهت معوقات فكيف في هذه الظروف؟!». ووفق المعنية في الوزارة، حتى الآن ليس هناك إجماع حول كيفية إنهاء العام الدراسي في حال طالت فترة التعبئة العامة، والمسألة لا تزال موضع نقاش. لكنها تطمئن التلامذة بأنهم لن يحاسبوا على الدروس التي يدرسونها عن بعد. «فلا خوف على التلامذة، الدروس ستعاد وجهاً لوجه، وتقييم أدائهم سيتم بناءً على تواجدهم في الصفوف وما يعطى في داخلها. وفي حال لم يكن الوقت كافياً لإنهاء البرامج، سنطلب تقليص المنهج بشكل لا يؤدي إلى إلغاء دروس يحتاجها التلميذ في الصفوف الأعلى».

 

ووفق خوري تمكنت الوزارة من الوصول إلى أكثر من 60% من المتعلمين في الحلقة الثالثة والمرحلة الثانوية. وتدعو الأهل والمدارس لعدم الضغط على التلميذ في هذه الفترة، «فعلى الأهل الّا يضغطوا على اولادهم ويعرضوهم لمشاكل نفسية وصحية بسبب الدرس أونلاين، اذا بدن يبكو بسبب الدروس بلاها». وتعد خوري بالقيام بأنشطة ترافق عودة الطلاب إلى المدارس، وتراعي الموضوع النفسي والإجتماعي الناجم عن هذه الفترة.