IMLebanon

الإتصالات تُراكم الأعباء والمواطن يرزح تحت الديون

 

اللبنانيون لم يستفيقوا بعد من صدمة اقتطاع أرصدتهم الخليوية

 

تتوالى الضربات على رأس المواطن، لكن بعناوين مختلفة. فبعدما عدّلت كل القطاعات في لبنان أسعارها، جاء الوقت لتعديل تسعيرة الإتصالات لتقضي على ما تبقّى من قدرة شرائية. المواطن الذي نام خاوي البطن لأشهر طويلة، استفاق في الأول من تموز على خسارة كبيرة من قيمة رصيده الخليوي، وتعرّضه إلى هيركات بنحو 90 بالمئة. فما هو ذنب المواطن ليتحمّل خسائر هذا القطاع؟ وهل سيتأقلم مع الأسعار الجديدة؟ أم سيتخلى عن الهاتف؟

 

في وقت سابق، أكد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم أن «قرار رفع التعرفة أنقذ القطاع الذي لم ‏يكن قادراً على الاستمرار على حاله مع كل المشكلات المالية. وبما يتعلق بالهاتف ‏الثابت زادت التكلفة مرتين ونصف المرة، علماً بأن هناك باقات بأسعار أقل لمحدودي الدخل ‏وأخرى بأسعار أعلى. أما الهاتف الخليوي فأصبح المعدل الوسطي للفاتورة 7 دولارات، علماً ‏بأن هناك باقة بـ4.5 دولارات».

 

انتهى عصر الاتصالات على الـ1500 ليرة، ليبدأ عصر الاتصالات على سعر منصة صيرفة، ويدخل المواطن اللبناني في كابوس جديد، خاصة في ظل استحالة التخلي عن الهاتف الخليوي بعدما أصبح حاجة أساسية، حيث إن عصب معظم أعمال اللبنانيين اليوم هو الإنترنت.

 

الخدمات الجديدة

 

خدمات جديدة تم طرحها أمام المواطن، وسيتم احتساب أسعار الإتصالات والبيانات الخليوية على الشكل التالي: تقسيم السعر السابق بثلاثة من ثم احتساب المبلغ بحسب سعر منصة صيرفة. وبحسب أحد المصادر: «لقد أصبح سعر دقيقة التخابر للخطوط الثابتة 0.04 دولار أميركي بعدما كانت 0.11 دولار. أما دقيقة تخابر الخطوط المدفوعة سلفاً فانخفضت من 0.25 دولار إلى 0.08، وأصبح معدل الرسائل القصيرة بـ0.02 دولار بعدما كان بـ0.05 دولار سابقاً. أما بالنسبة إلى دقيقة تخابر الخطوط المدفوعة سلفاً فانخفضت من 0.25 دولار إلى 0.08 دولار. وبما يخص بطاقة إعادة التعبئة فهناك بطاقة جديدة برصيد 4.5 دولارات وهي صالحة لمدة 30 يوماً. أما البطاقة التي كان يدفع ثمنها المواطن 39000 ليرة برصيد 22.73، انخفضت اليوم إلى 7.5 دولارات أي ما يعادل 190000 ليرة».

 

حالة من الضياع

 

وبحسب المصدر نفسه، «يواجه الشارع اللبناني اليوم حالة من الضياع، حيث استفاق في الأول من حزيران على هيركات بنحو 94 بالمئة من رصيده. فعلى سبيل المثال تحوّل رصيد بقيمة 150000 ليرة إلى 6 دولارات بعد قسمها على أساس سعر منصة صيرفة. كما تتوسع حالة الضياع بين البطاقة القديمة وتلك الجديدة، وكل من عمل على تخزين بطاقات في منزله، تعرض أيضاً الى الهيركات، فكل البطاقات القديمة التي كان يقدر رصيدها مثلاً بـ 22.73 دولاراً أصبح اليوم يساوي 1.38 دولار».

 

وفي هذا السياق، بدأت الشكاوى تتوالى بحق الشركتين عبر تقديم دعاوى ضدهما أمام النيابة العامة التمييزية بجرائم السرقة والاحتيال وغيرها من الجرائم التي تمس بمكانة الدولة المالية، لأن ما قامت به شركتا ألفا وتاتش يشبه ما فعلته المصارف بحق المودعين الذين نهبت أموالهم.

 

الأوفر… هذا ما يبحث عنه المواطن

 

وتهافت عدد كبير من الشعب اللبناني على شراء خطوط جديدة مدفوعة سلفاً، وذلك للتخلص من خطوطهم الثابتة والتي أصبحت عبئاً عليهم، خاصة لأن شركتي ألفا وتاتش لم تفتح بعد ميزة نقل الخطوط من الثابت الى المدفوعة سلفاً. ويقول أحد المواطنين: «كانت قيمة فاتورتي تقدر بنحو 100 دولار أي ما يعادل 150000 ليرة، أما اليوم فإذا احتسبناها على السعر الجديد، ستتخطى الـ700000 ليرة، ومن أين لي أن أدفع هذا المبلغ؟ لذلك اضطررت الى شراء خط جديد غير الثابت للتحكم بتعبئته». وتقول مواطنة أخرى: «نحن نعتبر من الطبقة الفقيرة، بما أن الطبقة الوسطى اختفت عن الوجود في لبنان، كنت معتادة على دفع 16000 ليرة في الشهر الواحد لتشريج خطي مع خدمة U CHAT ووفر، فأصبحت اليوم هذه الخدمة تكلفني 130000 ليرة، يعني 8 مرات عما كانت عليه من قبل. ويقول مواطن اَخر بحسرة: «راتبي كلو على بعضو لا يساوى 1500000 ليرة، وأنفق 9 بالمئة من معاشي على الاتصالات إذا أردت الاشتراك بخدمة الـ4.5 دولارات».

 

أما ما يخص طلاب الجامعات ما دون الـ25، فانخفضت خدمة الـ A+ (لمدة 30 يوماً وتضم 180 دقيقة تخابر و5GB و1000 رسالة قصيرة) من 15 دولاراً الى 5 دولارات أي ما يعادل بحوالى 125000 ليرة لبنانية بعدما كانت تكلفه 22500 ليرة. وكذلك الخط العسكري أصبح بـ1.5 دولار (ويتضمن 120 دقيقة تخابر، 120رسالة قصيرة و1.5 GB). والى جانب اشتراك الانترنت في المنزل، فإن عائلة مكونة من 4 أشخاص تحتاج إلى مليون ليرة في الشهر للإتصالات فقط.

 

ما كان ينقص الشعب اللبناني إلا هذه الأزمة «لترجعه 100 سنة للوراء». هذه الأزمة التي نهشت كرامته وحرمته الوصول الى أدنى حقوقه. ويبدو أن السلطة السياسية في لبنان لا تبالي بخطورة الازمة التي عصفت بلبنان، وهي ما زالت تحمّل المواطن أعباء الأزمة من دون أن تحاول إيجاد حلول تتماشى مع الوضع المعيشي الصعب.