يوم الخميس الماضي، وقبل أن تدخل الإدارات الرسمية (المقفلة أصلاً) في عطلة عيد الأضحى، سرت معلومات عن صدور قرار عن مجلس شورى الدولة يقضي بوقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء حول رفع تعرفة الاتصالات، مع العلم أنّه لم يكن قد مرّ أكثر من ساعات على تقديم أكثر من شكوى أمام مجلس الشورى على خلفية الاعتراض على قرار مجلس الوزراء رقم 155 تاريخ 20 أيار 2022، ليتبيّن أنّ الفوضى العارمة التي تحيط بالوضع العام، لم توفّر الأخبار الواردة من السلطة القضائية وأنّ قرار وقف التنفيذ يحتاج أكثر من أسبوعين قبل البتّ به من الجهة المعنية.
وقد تسجل أمام القضاء خصوصاً بعدما باشرت شركة «تاتش» تحصيل اشتراكات شهر تموز على أساس التعرفة الجديدة، وقد أثارت فواتيرها صرخة عارمة قبل أن توضح أنّها «احتسبت الإتصالات والبيانات المستهلكة في شهر حزيران على سعر صرف 1514.5 ل.ل.، فيما احتسبت الاشتراكات عن شهر تموز بحسب التعرفة الجديدة المخفّضة على سعر منصة صيرفة»… فيما تسلل مقص «الهيركات» إلى البطاقات المسبقة الدفع بعد تحويل قيمة الأرصدة من اللبناني إلى الدولار على أساس سعر صيرفة. وتلك الشكاوى:
– منها وجد طريقه إلى مجلس شورى الدولة، كمراجعة الابطال التي تقدّم بها المحامي بيار حرب لكون «القرار 155 مخالفاً بمنطوقه ومندرجاته لأحكام الدستور اللبناني ولقانون النقد والتسليف، وضرب مفهوم السيادة الوطنية على عملتها عرض الحائط»، وكمراجعة الابطال التي تقدم بها «متحدون» مع طلب وقف التنفيذ.
– ومنها قدّم أمام النيابة العامة، كتلك التي تقدّمت بها جمعية «الشعب يريد إصلاح النظام وذلك على خلفية «توافر معلومات عن عملية بيع خطوط خلوية مميزة من قبل وزارة الاتصالات، خلافاً للأصول القانونية وبطريقة أدت إلى هدر المال العام»، أو تلك التي تقدّم بها المحامي لؤي غندور رئيس «قوة العمل اللبنانية لمكافحة الفساد» أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بوجه شركتي الخلوي بجرائم «الاحتيال وسرقة أرصدة المشتركين».
– ومنها وضع أمام قضاء العجلة، كتلك التي تقدمت بها جمعية «التعاون الدولي لحقوق الانسان» ممثلة برئيسها المحامي زياد بيطار والناشطة نعمت بدر الدين، وذلك بهدف «اتخاذ قرار بمنع شركتي الخلوي من استيفاء رسوم شهر حزيران بالدولار الأميركي أو ما يعادله بالليرة اللبنانية وفقاً لتسعيرة صيرفة، وإلزام شركتي «ألفا» و»تاتش» بالطلب من المصارف استيفاء فاتورة شهر حزيران وما قبل وفقاً للتسعيرة القديمة أو دولار 1520، وإعادة المبالغ التي سددت عن شهر حزيران وفقاً لتسعيرة صيرفة».
ففي ما خصّ قضاء العجلة، يفترض أن يصدر قراره خلال الساعات القليلة المقبلة، وفي ما خصّ النيابة العامة فقد عُلم أنّه جرى الاستماع إلى الجهة المدّعية وينتظر استكمال التحقيقات. أما بالنسبة إلى مجلس شورى الدولة، فقد أبلغت هيئة القضايا في وزارة العدل، والتي هي بمثابة محامي الدولة، وزارة الاتصالات بمضمون الشكوى وطلبت ملاحظاتها، التي يفترض أن تكون جاهزة خلال مهلة خمسة عشر يوماً (بدأت المهلة يوم الخميس الماضي)، عندئذٍ يبتّ المجلس في الطلب خلال مهلة أسبوعين من تاريخ ايداع جواب وزارة الاتصالات.
وفي هذا السياق لوحظ أنّ الباحث الدستوري القاضي جهاد إسماعيل قال في تصريح له إنّه «بعد ثبوت الضرر الفادح والبليغ من القرار المشكو منه، وإطاحته مبدأي العدالة الاجتماعيّة والمساواة، المكفولين، بصورةٍ صريحة، في أحكام الدستور، صار لزاماً على مجلس الشورى أن يُبطل القرار سنداً للمادة 108 من نظام مجلس شورى الدولة على اعتبار أن قانون الاتصالات، رقم 431/2002، يؤكد مبدأ وصول الخدمات إلى جميع المواطنين، في حين أن القرار المطعون به من شأنه أن يحرم شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني من خدمة الاتصالات جرّاء رفع الكلفة بشكلٍ هائل، ويحصر الاستفادة منها بفئة من الناس، بما يخالف مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة».