Site icon IMLebanon

«الدعم» متوقف على مدخّرات شركتي الخليوي: أسعار الاتصالات على حالها… حتى الانتخابات

 

 

لن ترفع تعرفة الاتصالات قبل الأعياد. هذا ما يؤكده وزير الاتصالات، إلا في حالتين: وضع خطة متكاملة أو تفاقم الوضع بشكل يهدد توفر خدمة الإنترنت، فيما يرى كثيرون أن قرار عدم رفع الدعم لن يتخذ قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة

 

لن يُرفع «الدعم» عن الاتصالات قبل الانتخابات النيابية المقررة الربيع المُقبل. هذه الخلاصة، وإن لم يُفصح بها بشكل علني، باتت بمثابة «أمر واقع» لغالبية المعنيين في القطاع. فقد أُبلغ هؤلاء، بطريقة غير مباشرة، بأن عليهم «التصرّف» في الأشهر القليلة المُقبلة ليبقى الوضع «مستقراً» والإبقاء على تعرفة الاتصالات «القديمة».

 

وزير الاتصالات جوني قرم يُفضّل مقاربة أخرى، وإن كانت لا تناقض تلك التي تربط «استقرار» القطاع بالانتخابات. يؤكد لـ«الأخبار» أن موضوع رفع الدعم لم يُطرح في الجلسات القليلة التي عقدتها الحكومة، و«حتى الآن، لم يتم الضغط من المسؤولين لرفع التعرفة، وأنا بدوري لم أضغط باتجاه أي اقتراح يتعلق بهذا الموضوع»، نافياً أن تكون الانتخابات السبب الذي يحول دون رفع الدعم حتى الآن رغم أن الإنترنت بالنسبة للبنانيين أهم من الخبز».

وفق قرم، فإنّ رفع الزيادة سيتم في حالتين: عندما يتفاقم الوضع بشكل يُهدد بفقدان خدمة الإنترنت، وعند وضع خطة متكاملة تأخذ في الاعتبار قدرة المُقيمين على تحمل التسعيرات الجديدة.

مصادر مُطّلعة في إحدى شركتي الخليوي أكدت لـ «الأخبار» أن ثمّة قناعة لدى المسؤولين في الوقت الراهن بأن «أي تعديل في تعرفة الاتصالات سيكون له وقع كبير في الشارع»، مُشيراً إلى أن إدارتي الشركتين تتصرّفان على هذا الأساس حتى الآن، «مع التذكير بأن لا قدرة لهما على الصمود طويلاً في ظل استمرار الجباية بالليرة على أساس الصرف الرسمي فيما أسعار المحروقات وأكلاف الصيانة تُدفع بالدولار الذي يوازي اليوم 23 ألف ليرة».

ووفق المعلومات، تنفق الشركتان حالياً على الرواتب والمحروقات وغيرها من موجوداتها المودعة في البنوك لتغطية التكاليف المتفاقمة الناجمة عن تدهور الوضع الاقتصادي، «ومتى ما صفّرت هذه المدخرات، وقعنا في المحظور»، وفق المصادر نفسها.

فعلى سبيل المثال، تُقدّر إيرادات «تاتش» سنوياً بنحو 600 مليار ليرة كانت توازي نحو 400 مليون دولار وتوازي اليوم نحو 26 مليون دولار. وتُقدّر أكلاف المحروقات بين 20 و25 مليار ليرة شهرياً، أي نحو 240 مليار ليرة سنوياً «إذا ما ثبتت أسعار المحروقات، ما يعني أن 40% من إيرادات الشركة باتت مخصصة للمحروقات». وهذا يعني «عدم إمكانية الاستمرار طويلاً. فعندما تم الاتفاق على عدم رفع الدعم، كانت تنكة المازوت محددة بـ200 ألف ليرة، في حين أنها وصلت أخيرا إلى 270، وإذا واصل الدولار الارتفاع فإن الكلفة إلى مزيد من الارتفاع».

هل يمكن «الصمود» أربعة أشهر مثلاً (حتى موعد الانتخابات)؟ يجيب قرم «محظوظ من يمكنه إعطاء تقديرات، لأن الأمر مرتبط بوضع سعر الصرف. منذ تسلمي للوزارة حتى اليوم، خسرنا نحو 25% من مدخولنا نتيجة فارق سعر الصرف، وعليه لا يمكن التنبؤ». ويُضيف: «ما نستطيع الجزم به أنه لن يتم رفع السعر قبل الأعياد».

 

خسرت وزارة الاتصالات في شهرين 25% من إيراداتها بسبب فارق سعر الصرف

 

 

مُقارنة مع بقية الوزارات، تبدو وزارة الاتصالات أكثر «أريحية» بدليل إقرارها بقدرتها على الصمود، وإن كان الصمود مؤقتاً حتى الآن. لكن هذه «الراحة» تعود إلى عوامل عدة أبرزها «الأرباح الخيالية التي كان يتم تحصيلها من المُقيمين بسبب التعرفات العالية»، وفق مصادر شركات الخليوي، مُشيرةً إلى أن حجم تلك الأرباح تقلّص في الوقت الراهن «واستمرار هذا التقلص منوط بتفاقم الوضع». يوافق قرم على هذا الكلام، لكنه يلفت إلى أن السبب متعلق بالامتناع عن الدفع عن الموردين، مُشيراً إلى أن مكاتب «هواوي» مهدّدة بالإقفال ما لم يتم دفع مستحقاتها المتراكمة منذ سنتين.

ولعلّ ما «يُفتّح» العين على «بحبوحة» القطاع، إقدام الوزير على توقيع قرار منح الموظفين شهراً إضافياً (الشهر 13). وهو قرار امتنع عنه الوزراء الذين سبقوه بحجة ترشيد المصاريف، «ما يعني أن الوزير لا يتصرف على أساس أننا في زمن الإفلاس»، على حد تعبير منتقديه من العاملين في القطاع.

يردّ قرم بالإشارة إلى أن قطاع الاتصالات قطاع فني بامتياز، لافتاً إلى أن نحو 20% من الموظفين الفنيين من ذوي الخبرة «تركوا أعمالهم بسبب الأزمة»، لذلك يولي أهمية لإرضاء الموظفين من أجل تشغيل القطاع «لأن لا قدرة لنا على إعادة تشغيله من دون اليد العاملة الفنية».

والحديث عن الرواتب يشمل رواتب جميع العاملين في الشركتين من ضمنها رواتب عالية لمدراء تصل إلى 24 ألف دولار (يتم تقاضيها باللولار)،علماً أن مجموع نفقات الرواتب في إحدى شركتي الخلوي شهرياً يقدر بنحو 1.7 مليون دولار.

 

«مصير» الاتصالات متوقّف على المازوت

150 محطة إرسال تابعة لـ«ألفا»، توقّفت أخيراً عن العمل و«سقطت» بسبب عدم مدّها بالمازوت من قبل شركة «باور تك» الملتزمة أعمال تشغيل المحطات وتأمين المحروقات (بموجب عقد تبلغ قيمته نحو 100 مليون دولار). يقول وزير الاتصالات إن 200 موقع كانت معطلة في عدد من المناطق النائية، و«قد عمدنا إلى إعادة تشغيلها أخيراً بعدما سعينا إلى تأمين المازوت». ويُجمع المعنيون في القطاع على أن مصير القطاع متوقف حالياً على مدى توفر المحروقات، ومن ثم تأتي عوامل أخرى تتعلق بأكلاف الصيانة وغيرها.

وفي اتصال مع «الأخبار»، أكد المدير العام لهيئة «أوجيرو» عماد كريدية أن خدمات الإنترنت متوافرة في الوقت الراهن متى ما توافرت المحروقات للمحطات، لافتاً إلى أن غياب هذه الخدمة في بعض المناطق مرتبط بعدم تشغيل بعض المحطات التابعة للقطاع الخاص، ومشيراً إلى أن الهيئة لا تعاني من أي مشاكل في تأمين هذه الخدمة «حتى الآن. ولكن مع صعوبة تأمين المحروقات في الأيام المقبلة، فلكل حادث حديث».