Site icon IMLebanon

متابعة إستراتيجية عزل لبنان نهائياً

 

بعدما تعايشنا وواجهنا بشرف وشغف وشجاعة، الإستهداف لكل القطاعات الإنتاجية في لبنان، بدءاً من القطاعات المالية، والنقدية، والصناعية، والتجارية، والإستشفائية والسياحية، والزراعية. وبعدما واجهنا أيضاً هجوماً مؤلماً ومجرماً على الأركان الأساسية لإقتصادنا وبلدنا، وهو القضاء، وعلاقاتنا وإنفتاحنا على الخارج، نشهد اليوم، إستهداف قطاع الإتصالات، خصوصاً الإنترنت.

يُمثل الانترنت النافذة الأخيرة لنا في اتجاه العالم، ويشكّل «عوائم» خلاص لمعظم اللبنانيين، ولا سيما المهن الحرة، الذين يُصدّرون ليس سلعهم فقط، لكن أيضاً أفكارهم ومهنيتهم وريادتهم ونجاحاتهم، عبر الكرة الأرضية من خلال الإنترنت والإتصالات.

 

ليس سراً، أنّ شركات الإتصالات في لبنان، أكانت خاصة أم عامة، مرتبطة بشركات إتصالات إقليمية ودولية، ويتمّ دفع هذه الإشتراكات بالكابلات الدولية والأقمار الإصطناعية بالعملات الصعبة.

 

وشئنا أم أبينا، كل هذه المستحقات المالية والنقدية تُدفع بالعملة الصعبة، وإذا لم يتمّ تسديد هذه الديون سنصل إلى قطع الإنترنت والإتصالات، ونكون معزولين نهائياً عن العالم. بالإضافة إلى كلفة الإشتراكات، في المؤسسات الدولية، هناك أيضاً الكلفة التشغيلية والصيانة لكل المعدات التي تُدفع أيضاً بالدولار الأميركي المفقود، نعني بذلك المازوت والبنزين وقطع الغيار وغيرها من الكلف الثابتة والمتغيّرة والتي تتراكم يوماً بعد يوم، وسنصل إلى إنفجار هذه العبوة المختبئة لقطاع الشركات الخاصة والعامة نتيجة عدم قدرتها على دفع مستحقاتها وكلفتها التشغيلية.

 

نخشى ونتخوف من أن تُدار هذه الأمور المعيشية والأساسية، وهذه الأزمة الخطرة، بالإستراتيجية عينها المبطنة والمشبوهة، والتي إستُعملت لرفع الدعم عن المحروقات والمازوت، ومن ثم عن الأدوية والإستشفاء. هذا يعني أن يختار بعض المسؤولين قطع الإنترنت وتحصين وإنماء السوق السوداء وإطلاق يد المافيات نحو القطاع الإنتاجي المتبقّي لنا. فمثلما أُجبر اللبنانيون على الوقوف بطوابير الذلّ أمام محطات الوقود أو أمام الصيدليات، وإنجرّوا نحو اللجوء إلى السوق السوداء المشبوهة، نتخوف من أن تُستعمل الإستراتيجية عينها هنا أيضاً بقطع الإنترنت وإنماء السوق السوداء، ومن ثم إجبار المواطنين على القبول بخطة الدولة الجهنمية.

 

هدفنا ليس التخويف ولا التشاؤم، بل الموضوعية المبنية على الوقائع والأرقام، لنضع إصبعنا بشفافية على الجرح، ووقف النزف، وإقتراح حلول بنّاءة، وخطة واضحة، وبدء تنفيذها قبل فوات الأوان.

 

لا تعزلوا لبنان مرة أخرى، ولا تذلّوا شعبه، مثل العادة، ولا تُحوّلوا الإقتصاد الأبيض إلى إقتصاد أسود، أكثر فأكثر.