IMLebanon

تعديلات قانونية تضع الخلوي في خدمة السلطة انتخابياً

 

«تحرير» الشركتَين المشغّلتَين من قبضة الدولة: الخلوي لتمويل الإنفاق الانتخابي؟

 

 

لم يدم إنجاز وضع الدولة يدها على قطاع الاتصالات. معركة ضبط الهدر وحصر النفقات التي «ربحها الشعب»، من خلال ممثليه، خسرها على أيدي النواب أنفسهم. إذ تراجع هؤلاء، بإقرارهم تعديل المادة 36 من قانون الموازنة العامة لعام 2020، عن إجبار شركتَي الخلوي على تحويل إيراداتهما للدولة من مرتين في الأسبوع إلى مرة واحدة في الشهر.

 

التعديل، بحسب مصدر قانوني، «يحيي الصيغة التي كانت سائدة قبل عام ٢٠٢٠ وأُسقطت تحت ضغط الشارع عقب أحداث 17 تشرين التي صوّبت على الفساد في إدارة قطاع الاتصالات». وتسمح الصيغة السابقة للشركتين بإيداع الرصيد لدى الخزينة مرة شهرياً، «هذا إن بقي رصيد بعد حسم النفقات»، وفق المصدر نفسه، علماً بأن القانون الجديد لم يشر الى أي قيود على النفقات أو أي رقابة عليها، ولا سيما لجهة المساعدات والهبات للأفرقاء السياسيين مع اقتراب الانتخابات النيابية.

وكانت لجنة المال والموازنة قد أقرّت، في 23 أيلول 2021، تعديل المادة 36 من قانون الموازنة الرقم 6 النافذ حكماً بدءاً من 5 آذار 2020. حينها، برّر رئيس اللجنة إبراهيم كنعان التعديل بـ«طلب عدد من النواب من أعضاء لجنة الإعلام والاتصالات، بناءً على الأوضاع التي وصلنا إليها بسبب الانهيارات التي تصيب لبنان واللبنانيين. وقد وصلنا إلى طرح نوع من تعديل على المواد المتشددة جداً التي طرحتها لجنة المال على شركتَي الخلوي. ولنكون منصفين، فإن لجنة الاتصالات وضعت ضوابط وأعطت إمكانية صرف محددة ومحصورة لحين إرساء المناقصة وبموافقة الوزير المختص، من ضمن إطار موازنة النفقات السنوية ورقابة ديوان المحاسبة الذي تخضع له المصاريف».

اقتراح تعديل المادة 36 أقرّ في جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب في 7 كانون الأول الماضي، وأُحيل القانون إلى الحكومة في 13 كانون الأول. وبعد انقضاء مهلة الشهر، في 14 كانون الثاني 2022، من دون أن يصدر رئيس الجمهورية القانون أو يعيده الى مجلس النواب، أصبح التعديل نافذاً حكماً اعتباراً من 15 كانون الثاني الجاري.

 

القانون يخالف قانون المحاسبة العمومية ويسمح للشركتين بتكبير حجم الانفاق

 

 

القانون المعدل الذي نشر أول من أمس في عدد الجريدة الرسمية، نص على أنه «وحتى إرساء المناقصة العالمية لتشغيل وإدارة شبكتَي الخلوي وفقاً لقرار مجلس الوزراء في 5 أيار 2020، فإنّ على شركتَي الخلوي وبشكل شهري تحويل صافي الإيرادات الى حساب الخزينة لدى مصرف لبنان عن الشهر الذي سبق، بعد حسم كافة النفقات، على أن تكون ملحوظة في بنود الموازنة السنوية لكل منهما، وموافقاً عليها من قبل وزيري المال والاتصالات ومرفقة مع كشف تفصيلي يظهر الإيرادات المحصلة والنفقات المسددة وغير المسددة، على أن تخضع المصاريف الرأسمالية لموافقة مجلس الوزراء». في حين أن النص الأصلي للمادة 36، نص على «إلزام الشركات المشغلة لقطاع الخلوي بتحويل الإيرادات الناتجة من خدمات الاتصالات الخلوية المحصلة الى حساب الخزينة لدى مصرف لبنان يومَي الاثنين والخميس من كل أسبوع، باستثناء الرواتب».

النائب جميل السيد وصف التعديل بأنه «سقوط للانتصار الذي حققه مجلس النواب في رقابته على إدارة شركتَي الخلوي لإدارة قطاع الاتصالات»، علماً بأن السيد هو صاحب اقتراح إجبار الشركتين على تحويل الإيرادات مرتين في الأسبوع لضبط النفقات والرقابة. وأوضح أن «المسألة ليست في تحويل الإيرادات مرة في الشهر أو مرتين في الأسبوع، بقدر ما هي آلية لحصر النفقات قبل تحويل الإيرادات»، منبّهاً إلى أن التعديل يسمح للشركتين بـ«سحب ما تشاءان من النفقات ومردود الجبايات، وتحويل الفتات إلى الدولة التي لن تعلم حينها حجم النفقات التي صرفت. فيما ينبغي أن تحوّل الشركتان الإيرادات كافة، وفي حال احتاجتا إلى نفقات جديدة، تطلبان الحصول على موازنة ضمن الأطر»، مشيراً إلى أن القانون «يخالف قانون المحاسبة العمومية، وقد هُرّب تهريباً في مجلس النواب» في جلسات تغيّب عن حضورها خلال الفترة الماضية.