IMLebanon

حلول جغرافية مؤقتة: السوريون ضيوف الضامنين

حرب سوريا دخلت مرحلة رسم الخرائط. لا خرائط الحلّ النهائي طبعا بل خرائط الترتيبات المؤقتة. وهي تدور وتدار على مستويين في سنتها السابعة: مستوى رسم الخرائط بالتفاهم في المناطق التي لم تعد معاركها ضرورية والمسماة مناطق خفض التصعيد. ومستوى السباق على رسم خرائط الحصص والنفوذ بالقوة في المناطق التي يراد اخراج الارهابيين منها وتقاسم السيطرة على تركة دولة الخلافة الداعشية. ولا ترتيبات ولا معارك في المناطق التي اسمها الرمزي سوريا المفيدة.

واليد العليا في ادارة الصراع هي للدبّ الروسي في حضور الذئب التركي والثعلب الايراني، بعدما اختار النسر الأميركي العمل من الجو والنزول على الأرض في أماكن محددة. فالروسي في قبعة الجنرال يدير اللعبة العسكرية على الأرض، حيث العنوان جيوسياسي. وفي برنيطة الديبلوماسي يدير اللعبة في محادثات جنيف، حيث العنوان تسوية سياسية. وفي خوذة قوة الفصل يدير محادثات استانه، حيث العنوان ترتيبات أمنية. لكن اللعبة صعبة ومعقّدة وخطرة، بصرف النظر عما تنتهي اليه من توزيع الأرباح والخسائر. والخاسر الأكبر بالطبع هو سوريا أرضا وشعبا ومؤسسات، حيث النزوح اللامسبوق والدمار الهائل في العمران والخراب المخيف في النسيج الوطني الاجتماعي فوق مئات الآلاف من الضحايا والمفقودين والمعتقلين والمخطوفين.

ذلك ان المشهد في استانه بالغ التعبير. الوفود السورية النظامية والمعارضة ضيوف على الدول الثلاث الضامنة للاتفاق على مناطق خفض التصعيد والمنخرطة في القتال ضمن مناطق التصعيد، وهي روسيا وايران وتركيا. والشهود في دور المراقب هم أميركا والأردن والأمم المتحدة بشخص الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا.

أما الدور العملي، فانه للدول الضامنة من دون أي تأثر باعتراض الوفد النظامي على الدور التركي واعتراض الوفد المعارض على الدور الايراني. وأما ما يدور النقاش حوله في الجولة الخامسة من محادثات استانه، فانه الرسم النهائي لخرائط مناطق خفض التصعيد ثم الاتفاق على القوات التي ستتولى ضمان الأمن وتنفيذ الاتفاق. وهي بالطبع قوات خارجية من الدول الضامنة ودول الشهود. فلا دور للسوريين أمنيا. ولا هم أصحاب القرار في رسم الخرائط.

والحسابات واضحة. ما تأكد على مدى سبع سنوات من عمر الحرب هو ان الحل العسكري مستحيل، والحل السياسي صعب. وما يتم العمل له تحت عنوان الترتيبات التقنية هو تكريس الحلول الجغرافية المؤقتة حتى اشعار آخر. والمعنى البسيط لذلك ان الصراع طويل، واللعبة حتى بين الضامنين متغيّرة.