التمكّن من إثبات جدية العمل الحكومي وفاعليته هذا الأسبوع في ما يتعلق بملفي الموازنة والتشكيلات محك مهم لتجاوز الركود في الحياة السياسية.
ويفترض إن سار الأمر في الموازنة والتشكيلات بالاتجاه الايجابي أن ينعكس ذلك بشكل سلس على عقدة العقد التي ما زالت تراوح مكانها، في ما يتصل بقانون الانتخاب.
فعلى الرغم من كلام الجميع عن لزوم قانون انتخابي جديد يؤمن صحة التمثيل، واتساع مروحة المطالبين أو المتقبلين لفكرة التخليط بين النسبي والاكثري، واقتراب الصيغ المتداولة أكثر فأكثر من بعضها البعض لا نزال نجهل كيف يمكن تفادي القطوع في آخر الأمر، والتوصل الى قانون جديد، والى تحديد موعد للاستحقاق بالشكل الذي يتيح التحضير له، ومعرفة على أي أساس يتقدم المرشحون للتباري والفوز.
المهل تقترب، وحاجة البلد الى انتخابات نيابية لم تعد مرتبطة فقط بالمواقيت الدستورية، وبالاحتكام الى الناخبين بعد ثماني سنوات على آخر استحقاق، بل بات اجراء هذه الانتخابات ضرورة للانتظام العام وللاستقرار. مخطئ من يقلّل من هذا البعد.
الافتراض اذاً أن المناخات التفاؤلية الحذرة في الملفات المطروحة، ستفسح بالمجال لتدوير الزوايا في القانون الانتخابي، وعدم تجاوز المهل الدستورية. مع ذلك، ثمة شيء فان أي تسوية يتم احرازها في القانون الانتخابي اليوم من الصعب تصور أنها يمكن أن تسري على الاستحقاقات الآتية. أقصى المتاح اليوم هو تسوية «تقريبية» تتيح اجراء استحقاق في أمد منظور، في حين أن المشكلة المزمنة حول قانون الانتخاب لن تحسم: في أحسن الاحوال ستؤجل الى ما بعد الاستحقاق.
ما لم يعد مطروحاً هو توهم قانون انتخابي جديد بشكل جذري، بشكل يتيح لمسوقيه أن يخوضوا الاستحقاق على أنهم آباء القانون واستطاعوا فرضه، وعلى هذا الاساس يترشحون لتجري مكافأته.
لقد جرى الى حد كبير تعطيل هذا الأمر. ان كان من مخرج في الاسابيع المقبلة فهو سيكون مخرجا تسوويا مؤقتا، يأخذ في الاعتبار وجهات النظر المختلفة، ويقلل من جدية خروج طرف بمظهر المنتصر من معركة القانون وآخر بمظهر المحبط، من دون أن يحل هذا القانون التسوية أساس المشكلة بشكل عميق. السبب أن أساس المشكلة يتعلق بكيفية تأمين تقسيم عادل للدوائر، وليس دوائر متفاوتة، وادراك أن هناك فلسفة انتخابية من وراء كل من القانون الاكثري والقانون النسبي، لا يمكن اختزالها بالمفاضلة الاعتباطية بينهما، ولا استيعابها بالتخليط الهجين بينهما. مبرر هذا التخليط سياسياً لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، لكن تسويغه على صعيد متانة الطرح هو أمر أكثر صعوبة.
يبقى أن هذا الفائض من انتظار قانون انتخابي جديد بلا نتيجة ايجابية حتى الآن، بحيث أن الرأي العام ما زال يأمل في تسوية ربع الساعة الاخير، انما يترافق مع مناخ لا يوحي أبداً بأنه عشية انتخابات، لأنه، فرضاً ستصل الامور الى خواتيمها «السعيدة الموقتة» بالنسبة الى قانون الانتخاب، فان الشعارات التي على أساسها سيخاض التنافس وفقاً لهذا القانون أقل ما يقال فيها اليوم انها اما غائبة واما غامضة، ليس فقط لأن «الجميع بانتظار قانون». أيضاً لأن البلد يعيش أزمة موازية لأزمة القانون الانتخابي، هي أزمة نضوب كل ما راوح مكانه من شعارات.