انتهت اليوم 17 تموز المهلة الزمنية التي أعطيت لرؤساء البلديات لتقديم استقالاتهم تمهيداً لترشحهم قبل عشرة أشهر من موعد إجراء الانتخابات النيابية وفق صيغة القانون النسبي الجديد الذي ستجري عليه الانتخابات للمرة الاولى في لبنان، وهي المهلة الزمنية التي اعترضت عليها قوى سياسية رأت فيها فخاً منصوباً لعدد من رؤساء البلديات الأقوياء الذين يشكلون تهديداً لبعض القوى السياسية فجرى وضع هذا البند خصيصاً لإقصاء رؤساء بلديات يتمتعون بحيثيات شعبية وخدماتية في دوائر معينة، وبالفعل فان الصيغة التي وضعت في القانون في الشق البلدي جعلت عدداً كبيراً من رؤساء البلديات يحجمون عن تقديم استقالاتهم وخصوصاً ان «مصيدة» رؤساء البلديات اكتملت عندما لم يكتمل عقد النواب العشرة الذين يفترض بهم ان يتقدموا للطعن في موضوع رؤساء البلديات واقتصر ذلك بطعن تقدم به ثلاثة نواب من المردة بعدما تراجعت الكتائب ونواب مستقلون عن خوض غمار الطعن لحسابات مختلفة.
وعليه فان عدداً من «رؤساء البلديات» الذين يتمتعون بحضور انمائي وخدماتي في مناطقهم ممن تتردد أسماءهم في الانتخابات لم يقدموا على خطوة الاستقالة، وحده رئيس بلدية جبيل من رؤساء البلديات الكبرى تجرأ على ارتكاب المحظور والمغامرة بما حققه في بلدية جبيل من اجل النيابة الامر الذي جعل النائب وليد جنبلاط يغرد له على «تويتر» غامزاً من قناة الخطوة التي قد لا تكون ربما صائبة وفي مكانها الصحيح، وإذا كانت نتائج الانتخابات وحدها تقرر ما إذا كان رئيس بلدية جبيل أخطأ أم أحسن فعلاً، فان المؤكد ان الأخير ما كان ليقدم على الاستقالة في نظر مقربين منه، لو انه لم يحسبها جيداً ولم يحصل على الغطاء السياسي والتحالفي ويحجز موقعه على لائحة قوية هي لائحة معراب، ولو ان حواط الذي نجح في تحويل بلديته الى نقطة استقطاب ومعلم سياحي يتعدى حدود لبنان ليس متأكداً من فوزه في انتخابات 2018، وإذا كان الأخير أحسن المغامرة برصيده البلدي الكبير لأنه حاصل على ضمانات مؤكدة وحسم تحالفاته منذ اليوم، فان هذا الأمر لا يصح على غير مناطق وعلى رؤساء بلديات اشتهروا بوضعيتهم الانتخابية الجيدة وحيثياتهم لكن ظروف ترشيحهم اختلفت عن ظروف حواط.
وتقول مصادر متابعة، انه في المتن الشمالي ابدى بعض رؤساء البلديات حماسة في البدلية للانتخابات لكن ضراوة المعركة ووجود اللاعبين الكبار في الدائرة وبعضهم محسوبون على قوى اساسية جعل هؤلاء يتراجعون عن الخيار، عدا ذلك فان الكتائب كانت ستوقع الطعن قبل ان تعود وتتراجع عن الفكرة بعدما اشتمت نيات ترشح استقالات قد تزعجها في معركة المتن، اما في بعبدا فان التحول الانتخابي المتمـثل بالقـانون النسبي حول النـظر الى رؤساء بلديـات الشياح إدمون غاريوس ورئيس بلدية بزبدين بيار بعقليني والاثنان لهما حضورهما الأول انمائياً على صعيد البلدية وكونه صهر النائب ميشال المر ومرشح سابق في الانتخابات الماضية، ولكون بعقليني رئيس اقليم المردة في بعبدا وكان يفترض ان يكون مرشح فرنجية في بعبدا بعد فك التحالف بين المـردة والتـيار الوطني الحر، لكن الحسـابـات الانتخابية الدقيـقة والتحالفات المركبة للقوى السياسية حتمت عدم سحب استقالتيهما، ففي بعبدا تحالف التيار الوطني الحر وحزب اللـه على لائحـة واحدة والمرشح الدرزي الذي يفترض ان يكون النائب فادي الأعور يعطي اللائحة سقـفاً يصـل الى قرابة 28000 ألف ناخب، فيما تحالـف القوات والاشتراكي الذي ينسحب على الشوف وعاليه ايضاً يضمن فوز نائب القوات الذي يستطيع ان يؤمن عتبة سقف اللائحة اي 17000 صوت، وبالتالي فان رئيس بلدية الشياح ربما أخذ في حساباته انه سيكون معبراً لوصول مرشح القوات، فيما يعتبر فرص الفوز لرئيس بلدية بزبدين كانت متاحة له بالصوت التفضيلي لكن الظروف شكلت حاجزاً حقيقياً.
من تركيبة اللوائح في بعبدا المقفلة على بلوكات أصوات حزبية من جهة التيار الوطني الحر وحزب الله ومن جهة اخرى لائحة ستضم الاشتراكي والقوات مما يعقد العملية الانتخابية امام الآخرين، تضيف المصادر، مع بروز عقدة حزب الله، فرئيس تيار المردة سليمان فرنجية يرفض خوض الاستحقاق في مواجهة مرشح حزب الله، عدا عقدة الترشح التي لا تزال قائمة بين المردة والقوات رغم كل التسريبات الاعلامية، وعليه توقفت الامور عند هذا الحد وما جرى في بعبد ا يصح على رؤساء بلديات آخرين كانوا يملكون فرصاً حقيقية لولا عقدة الاستقالة قبل وقت طويل يفصل عن العملية الانتخابية، وقد يكون زياد حواط وبدعم و«دفشة» من القوات غامر برصيده البلدي فيما ستظهر الأيام عما إذا كان على حق واحسن الخيار.
وعليه يمكن القول ان عدد رؤساء البلديات الذين خاضوا المغامرة تضاءل بفعل القانون ولم يكن على المستوى المقبول، وبدون شك فان فشل الطعن كان العامل المؤثر في عدم خوض الانتخابات والاستقالة اضافة الى المهلة الزمنية المحددة بالقانون التي تصح على رؤساء البلديات ولا تجوز على الوزراء مثلاً في ثغرة قانونية فاضحة في القانون الانتخابي الجديد الذي لم يلحظ ايضاً الكوتا النسائية في المجلس، فالقانون المجهول المعالم والذي يخضع لفحوصات المطابخ الانتخابية شرع الترشح لوزراء مع امكانية استغلالهم لمواقعهم ووزاراتهم قبل الانتخابات النيابية فيما منع رؤساء البلديات هذا الامتياز في سابقة غير مفهومة خصوصاً ان صلاحيات ونفوذ الوزراء اوسع نطاقاً.