IMLebanon

لجنة العشرة بعد لجنة التسعة: من الصفر إلى الصفر

أبصرت لجنة قانون الانتخاب النور كي تبدأ من الصفر. في واقع كل ما فيه موصد. انتخابات الرئاسة واعمال مجلسي الوزراء والنواب وصولا الى الامن المربك، كيف لأحد توقع قانون انتخاب هو إحدى عصيّ الاشتباك الداخلي؟

تبدأ لجنة العشرة لقانون الانتخاب مهمتها من حيث انتهت لجنة التسعة في كانون الثاني 2015. الا أنها تبدأ ايضاً في توقيت مطابق لعمل لجنة التسعة، التي صار الى تأليفها على اثر جلسة التمديد الثاني لمجلس النواب في 5 تشرين الثاني 2014، قبل سنة من اليوم. بدا غرض اللجنة السابقة امتصاص النقمة من تمديد ثان للبرلمان باطلاق وعد بوضع قانون جديد للانتخاب يخلف قانون الدوحة، تليه انتخابات نيابية عامة تنهي مفاعيل التمديد.

لم يقع شيء من ذلك كله. لم يكد ينقضي شهر على اعمال لجنة التسعة آنذاك حتى انقسمت على نفسها بخلاف افرقائها على ما لا يُتوقع ان يتفقوا عليه، الآن ولاحقاً كما من قبل: نظام الاقتراع وتقسيم الدوائر. وهي المهمة المنوطة ايضاً بلجنة العشرة. في كانون الثاني 2015 افضى اقتراح للنائب وليد جنبلاط الى تعليق اعمالها، بذريعة عدم جواز اقرار قانون انتخاب ـ ولم يكن ثمة قانون برسم الاقرار في ذلك الحين ـ قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

كان الاقتراح حبل نجاة للجنة التسعة لانتشالها من مأزق اخفاقها، في توقيت سياسي لم يكن في اي حال يتيح التوافق على صوغ قانون للانتخاب.

على نحو مماثل تبدأ لجنة العشرة من الحفرة نفسها. اوجب تأليفها انقسام حاد سبق جلسة مجلس النواب في 12 تشرين الثاني هدد التئامه، في غياب الكتل المسيحية الرئيسية بسبب تمسكها بادراج قانون الانتخاب في متن الجلسة. لم يُدرج، وصار الى ترحيله الى لجنة نيابية جديدة تصوغه مجدداً في مهلة شهرين، ما يعيد كرّة لجنة التسعة التي نيط بها في تشرين الثاني 2014 انجاز عملها في شهرين، فتوقفت اعمالها بانقضائهما.

خلافاً للجنة السابقة التي خلفتها ثلاث لجان اخرى منبثقة منها بفعل تبديل في عضويتها، تعمل لجنة العشرة وفق مقتضيات مختلفة:

أولها، لا جدول أعمال مسبقاً لها كتلك التي وُضع بين ايديها مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للنسبية الى 16 اقتراح قانون انتخاب كانت قد ناقشتها اللجان النيابية المشتركة قبلاً وتعذّر تفاهمها على احدها.

خلافاً للجنة التسعة، تستظل لجنة العشرة طاولة الحوار مظلة سياسية لعملها

لا رئيس للجنة العشرة بعدما اعتذر نائب رئيس المجلس فريد مكاري عن ترؤس اجتماعاتها، بل منسق من اعضائها تقتصر مهمته على توجيه الدعوة الى اجتماعاتها. ينتظر ان تبدأ اجتماعها الاول منذ الاول من كانون الاول.

بذلك، منذ يومها الاول، تجبه استحالة المهمة في توقيت سياسي غير ملائم بدوره: فريق قاطعٌ في تمسّكه بالاقتراع الاكثري، وآخر لا يتزحزح عن الاقتراع النسبي. اول غيث القانون وعموده الفقري، قبل الانتقال الى تقسيم الدوائر وسائر البنود.

ثانيها، تضم لجنة العشرة معظم اعضاء لجنة التسعة التي مثلت الكتل الرئيسية في المجلس كأحمد فتفت وسيرج طورسركيسيان عن كتلة المستقبل، والآن عون عن تكتل التغيير والاصلاح، وعلي فياض عن كتلة الوفاء للمقاومة، وجورج عدوان عن كتلة القوات اللبنانية. دخل الى اللجنة الجديدة مروان حمادة عن جبهة النضال الوطني خلفاً للوزير الحالي اكرم شهيب، وبات يُنتظر ان يسمي سامي الجميل ـ عضو لجنة التسعة ـ خلفاً له باسم كتلة حزب الكتائب، وقد بات الآن رئيسه.

على طرف نقيض من لجنة التسعة، اربكت اللجنة الجديدة رئيس المجلس في حسابات التمثيلين السياسي والمذهبي، وهو رغب في ان تكون من خمسة الى ستة اعضاء فحسب، فأمست عشرة. الا انها اغضبت مَن لم يدخل في عضويتها ككتلة نواب الطاشناق. ما ردده بري امام زواره انه سمّى النائب ميشال موسى فيها كي يتوافق تمثيله الكاثوليكي مع تمثيل كتلة التنمية والتحرير التي يرئسها رئيس المجلس، فيما كان سمى النائب علي بزي للجنة التسعة.

بعدما اعتمد معيار تمثيل الكتل التي يزيد عدد نوابها عن ثلاثة، تفادياً لتوسيع عضويتها، بحيث يطابق التمثيل السياسي ذاك المذهبي، تبينت لبري ان ثلاث طوائف في البرلمان هي الروم الارثوذكس والروم الكاثوليك، الى ارمن تيار المستقبل وارمن تكتل التعيير والاصلاح، يقل عدد نوابها عن ثلاثة، ما يحيلها غير ممثلة، اذ ذاك دخل النائب روبير فاضل ارثوذكسياً بعد موسى الكاثوليكي وطور سركيسيان الارمني، برغم ان حزب الطاشناق لا يصنّفه في خانة تمثيله لكونه ارمنياً كاثوليكياً لا يسعه تمثيل الارمن الارثوذكس، شأن نظيره النائب اغوب بقرادونيان عضو لجنة التسعة، الذي لم يعثر على مقعده في لجنة العشرة.

ثالثها، برغم ان مهمتها لا تختلف عن مهمة لجنة التسعة، وهي صوغ قانون جديد للانتخاب، الا ان لجنة العشرة تجد نفسها ـ خلافاً لتلك ـ تعمل تحت سقف سياسي فضفاض هو طاولة الحوار التي يصفها بري بأنها «مرجعية، مفيدة ويقتضي ان نجعلها اكثر افادة، بل باتت من الضرورات».

حالما تنجز مهمتها ـ اذا انجزتها ـ ترفع لجنة العشرة المشروع الى طاولة الحوار التي تتخذ بدورها موقفاً منه توطئة لاحالته على اللجان المشتركة. من دون ان تعتدي طاولة الحوار على لجنة العشرة في اختصاص هو في صلب صلاحيات البرلمان مثل وضع قانون الانتخاب، لا يعدو دورها سوى مظلة أمان لشق المشروع طريقه الى الاقرار اولاً، وبغية منح مَن لم يتمثل من الاقطاب في لجنة العشرة حق ابداء ملاحظاته على صيغة المشروع. وهو ما ابلغه بري الى بقرادونيان ـ عضو طاولة الحوار ـ الذي كان أسرّ الى رئيس المجلس اصرار طائفته على تمثلها في لجنة العشرة.

تبعاً لما يوحي به رئيس المجلس، فإن لاقطاب طاولة الحوار ـ وبينهم عدد وافر غير حاضر في اللجنة النيابية ـ حق الفيتو لدى انتقال قانون الانتخاب الى ايديهم، وخصوصاً في الشقين الاكثر مدعاة للخلاف والانقسام، وهما نظام الاقتراع وتقسيم الدوائر.

بل واقع الامر ان طاولة الحوار على الارجح ـ لا لجنة العشرة بالتأكيد ـ مَن يسعه حسم بندي الخلاف هذين، توافقاً او تكريساً للانقسام.