IMLebanon

عشر سنوات على «حالنا».. وحالنا أحوال

هي الذكرى العشرية ستحلّ بنا هذا العام يوماً بيوم، لعام لم يكن ككل الأعوام في تاريخ لبنان، العام «ألفين وخمسة». عقد كامل من العمر بات وراءنا. قطعاً لا يمكن اعتباره عقداً ضائعاً. لكن لا يمكن ألا نرى فيه غير التراكم الايجابي ليس إلا. عشر سنوات على استشهاد الرئيس رفيق الحريري نقترب من ان نطفئ شمعتها. وبعدها عشر سنوات على خروج أكبر تظاهرة في تاريخ لبنان تطالب بطي صفحة الوصاية السورية ومعرفة من قتل الرئيس الشهيد، ومن سوف يعمد الى الاغتيال المتسلسل بعد ذلك، لسنوات. عشر سنوات عشنا فيها على انتظارات تعميق وتوسيع مدارك السيادة. لكن أيضاً على مفاهيم معنية بتأمين شروط للسيادة والتضحية بأخرى. على انقسام البلد الى «ساحتين»، لكن أيضاً، انقسام الساحة الواحدة، بين المشهد «من تحت» والمشهد «من فوق». على استعارة «الربيع» ومداها وحدودها. على المكاسب المحققة، وفي طليعتها سحب جيش الوصاية من لبنان، والمرارات، بدءاً من الفشل في اختصار مدّة التمديد لاميل لحود، وصولاً الى تعثّر اللجوء للصناديق بعد استحقاقين انتخابين واعدين، أقلّه من جهة، «سياسيتهما»، مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية السابقة، ثم الفراغ الحكومي، ثم الشغور الرئاسي المتمدّد.

هي الذكرى العشرية يوماً بيوم، بل قل هو «عام العشرية». عشر سنوات من العمر مضت، خسرنا وربحنا وخسرنا وربحنا. وعشنا في المحصلة وضعية أشبه ما تكون بنظرية «التوازن الكارثي» حيث تعجز كل كتلة عن إطاحة الأخرى. في سوريا أيضاً، «توازن كارثي». لكن من نوع آخر. من نوع لم يعرف أي يوم وقف اطلاق نار منذ اربع سنوات. في مقابل «توازن كارثي« متذبذب بين أيام الصحو والعواصف في لبنان، بين مشروع هيمنة فئوي مسلّح لم يحقق أهدافه، لكنه لم يوقف الهجوم، وبين استقلال ثان سرّعت حركته في إنهاء حكم الوصاية على لبنان، لتكتشف من ثمّ، أنّ البلد لم يمتلئ حرية وديموقراطية بعد ذلك، ولو أنه من الجحود المكابرة على الذاكرة. ترى هل من يذكر منا كيف كان حال البلد قبل عشر سنوات؟. 

في لبنان يؤرّخ «الربيع» بعشر سنوات، وفي العالم العربي بأربَعة. سرديات مغالية في التفاؤل سرعان ما تحوّلت الى مغالية في التشاؤم. الحزن كان من النوع الايماني بالقضية ذات مرة. لكن مشاعر الانكسار واللامبالاة والعزوف ازدهرت مرة بعد مرة. هي عشر سنوات على حالنا. لكن حالنا أحوال.

في العشر السنوات الأخيرة رحلت الوصاية عن لبنان، وقامت المحكمة الدولية، وسفكت الدماء بواسطة حرب اغتيالات متسلسلة، وفيها أيضاً انشطرت الذاكرة والاجتماع ابان حرب تموز او في اعقابها، ثم ابان الثورة والحرب في سوريا. هل يمكن أن يتقبل البلد نقاشاً هادئاً وصريحاً بعد عشر سنوات، عما كنا عليه قبل عشر سنوات، وعن العشر سنوات التي مرّت؟ وهل يمكن أن يكون النقاش متمحورا حول من صنعته هذه العشر سنوات، وليس على اجيال من فترة الحرب الباردة وحرب السنتين؟! أم أنّه لنا أن ننتظر عشرية أخرى؟!.