Site icon IMLebanon

«التوتر» بين الرياض وطهران «مؤشر» تشنّج في المنطقة

 

للمرة الأولى تصف المملكة العربية السعودية، بهذا الوضوح وهذه الشفافية وهذه الحدّة، الوجود الإيراني في سوريا على الأقل بأنه «احتلال». هي المرة الأولى التي تخرج فيها الديبلوماسية السعودية عن هدوئها ومرونتها وتدويرها للزوايا لدرجة تشبيهها بالأسلوب المتّبع في الفاتيكان. وهذا يعني أن المنطقة الى مزيد من التشنج والغليان في العراق وسوريا واليمن بالتأكيد، والى مزيد من التعطيل للاستحقاق الرئاسي في لبنان.

فما كان ممكناً قبل تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مطلع الأسبوع لم يعد ممكناً بعده، رغم كل المؤشرات الايجابية التي نجمت عن لقائه نظيره الإيراني جواد ظريف في نيويورك على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول الماضي، وقبلها عن زيارة نائب ظريف عبد الأمير اللهيان الرياض.

فقد أعلن الفيصل تحفظ بلاده على سياسة إيران في المنطقة باعتبارها في كثير من النزاعات «جزءاً من المشكلة» بما يستبعدها عن أن تكون «جزءاً من الحل«. ووصف وجود قواتها في سوريا بأنها «قوات محتلة» لأن النظام فقد شرعيته، مشترطاً لمساهمتها في الحل سحب قواتها. ولم يأتِ التعليق الإيراني بالحدّة نفسها. فقد اكتفى اللهيان بالتأكيد أن دور بلاده «مساعدة حكومتي وشعبي العراق وسوريا على التصدي للإرهاب ضمن إطار القوانين الدولية»، لافتاً نظر السعودية الى أنه من الأفضل لها «أن تتنبه لمؤامرات أعداء المنطقة وأن تلعب دوراً أكثر إيجابية».

ويلفت سياسي لبناني متابع لتطورات المنطقة بدقة، الى أن أنوار المستجدات الكاشفة، خصوصاً بعد تطورات اليمن، توضح كيف أن التفاؤل الإيراني في نيويورك الذي تزامن مع سقوط صنعاء بيد الحوثيين، قابله أصلاً حذر سعودي. ففي حين أعلن ظريف أن اللقاء «بداية فصل جديد» سيكون له «أثر إيجابي« على الجهود المبذولة لاستعادة السلام في المنطقة، ربط الفيصل بين «تجنب أخطاء الماضي» واحتمال أن يوفر التعاون تعزيزاً للأمن والسلام في المنطقة.

تفاقمت الأمور خصوصاً بعد تطورات اليمن التي يرى فيها المراقبون أكثر من مجرد رد فعل إيرانية، على خسارتها حليفها نوري المالكي. فالسعودية، التي سبق لها أن وافقت على «اتفاق السلم والشراكة« بين المكونات اليمنية، عادت مطلع الجاري لتؤكد بأن أمن هذه الدولة مرتبط بأمن دول «مجلس التعاون الخليجي«، محذرة عبر اجتماع لوزراء داخلية هذه الدول بأنها «لن تقف مكتوفة اليدين أمام التدخلات الخارجية الفئوية في اليمن». وأعقب ذلك حكم القضاء السعودي أمس بالإعدام على الداعية الشيعي المعارض الشيخ نمر النمر.

ويلفت المصدر نفسه الى التشابه بين دعوة السعودية إيران الى سحب قواتها من سوريا إذا أرادت المساهمة في الحل ومطالبة «قوى 14 آذار» «حزب الله» بالانسحاب من سوريا ليساهم في الاستقرار وفي وضع حد لتداعي انعكاسات تورطه في القتال الى جانب نظامها.

ويبقى السؤال «كيف سينعكس تأزم العلاقات مجدداً بين إيران والسعودية، باعتبار الأولى مركز محور الممانعة والثانية مركز محور الاعتدال، على الشغور الرئاسي في لبنان خصوصاً أن المؤشرات الايجابية الخاطئة عن تقارب فعلي دفعت الى الأمل بإفراج إيران عن الرئاسة الأولى؟. وقد ذكرت معلومات صحافية أن رئيس الحكومة الأسبق رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري طلب من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند السعي الى دفع إيران الى حلحلة الموضوع الرئاسي على اعتبار أن تفاقم الأمور في اليمن والعراق وسوريا قد يدفعها الى فتح كوة انفراج صغيرة لن يكون مرتعها سوى لبنان. ويرد المصدر نفسه بالقول «إذا كان لدى إيران ما تبيعه فلن تبيعه لفرنسا وإنما للولايات المتحدة«.