وفد «المستقبل» أكد في الحوار الحاجة لتطويق تداعيات ما يحصل قبل تفاقم الأمور
التوتر في عرسال يستحضر أهمية إقامة مخيمات للنازحين لإبقائهم قيد المراقبة
عرسال هل يتبدد التوتر اليوم أم غداً؟
ليس هناك تفسير لما قام به أهالي عرسال من عمليات خطف لسوريين، بعد اختطاف عناصر سورية مسلحة من بلدة قارة اللبناني حسين سيف الدين، إلا لأنهم ضاقوا ذرعاً بممارسات المسلحين السوريين في بلدتهم والجوار وما عادوا بالتالي قادرين على تحمل تبعاتها في حياتهم اليومية وفي العلاقات مع البلدات المجاورة، حيث أنه ومنذ مجيء عشرات الآلاف من النازحين إلى بلدتهم، لا زال «العراسلة» يدفعون ثمن استضافة هؤلاء الذين أساؤوا كثيراً إلى البلدة وأهلها، من خلال تورط العديد منهم في الاعتداءات التي تعرضت لها عرسال في أحداث آب الماضي وما تلاها من ممارسات عدائية، قام بها المسلحون الإرهابيون المتمركزون في الجرود وفي منطقة القلمون، الأمر الذي استدعى من جانب أهالي عرسال وقوى سياسية تدور في فلك قوى «14 آذار»، المطالبة بإقامة مخيمات لهؤلاء النازحين في محيط عرسال وفي مناطق أخرى، لضبط تحركاتهم وإبقائهم تحت المراقبة الأمنية، خاصة وأنه ثبت تورط المئات من هؤلاء النازحين في الأحداث الأمنية على طول مساحة البلد، وهذا ما حذر منه رئيس الحكومة تمام سلام في كلمته التي ألقاها باسم لبنان في مؤتمر النازحين الذي عقد في الكويت مطلع هذا الأسبوع، في حين شكلت الأحداث في عرسال محوراً من المحاور التي تطرق إليها حوار «المستقبل» و«حزب الله» في جلسته التاسعة أول أمس، حيث اعتبر وفد «المستقبل» أن إقامة مخيمات للنازحين الوسيلة الأفضل لحصر التداعيات التي يمكن أن تترتب عن هذه الفوضى القائمة جراء ما يعيشه النازحون، بعدما ظهر أن حالة الانفلات في تحركات هؤلاء اليومية تسببت بتوترات أمنية في أكثر من مكان، ما يستدعي من قوى «8 آذار» كما أشارت المصادر، ضرورة المساعدة على التخفيف من هذه التداعيات بتسهيل أمر إقامة مخيمات، لإيواء النازحين وحصر مشكلاتهم في نطاق ضيق.
ويظهر استناداً إلى المعطيات الميدانية، أن «العراسلة» أخذوا قراراً واضحاً بالتصدي للممارسات الميليشياوية التي يقوم بها عدد من النازحين الذين استخفوا كثيراً بموجبات الضيافة التي تحتم عليهم احترامها ومراعاة القوانين اللبنانية وعدم المشاركة في أي عمل يتناقض ومقومات السيادة الوطنية ويتعارض مع مقتضيات المصلحة اللبنانية، في ضوء ارتفاع وتيرة التوترات الأمنية في الآونة الأخيرة، ومع قيام العديد من العناصر السورية المسلحة بالتمدد إلى عرسال من وقت لآخر والاعتداء على الناس، سواء من «داعش» أو «النصرة» أو غيرهما، من خلال عمليات خطف وقتل وسرقة، وهو ما أثار استياءً عارماً لدى أهالي البلدة الذين رفضوا استمرار الوضع على ما هو عليه وأن يبقى هذا الفلتان قائماً، فكان القرار بالتصدي للمسلحين الذين يعملون على مهاجمة عرسال، على نحو ما حصل في قضية سيف الدين الذي اختطف من داخل البلدة، ما اعتبره الأهالي تحدياً لهم لا يمكن السكوت عنه، الأمر الذي دفعهم إلى توجيه إنذار شديد اللهجة إلى الخاطفين من خلال اختطاف ما يقارب الـ30 سورياً من بلدة قارة للضغط باتجاه الإفراج عن سيف الدين في أسرع وقت ممكن، تفادياً لما هو أسوأ، خاصة بعد المعلومات التي أشارت إلى أن سيف الدين أصبح بيد «داعش».
وفيما حذرت أوساط «عرسالية» من خطورة اتساع رقعة الممارسات الميليشياوية للمسلحين السوريين في البلدة ومحيطها، باعتبار أن الأهالي لن يقفوا مكتوفي الأيدي في هذه الحال، فإن مصادر قيادية بارزة في «14 آذار» أكدت لـ»اللواء»، أن المطلوب السير قدماً بإقامة مخيمات لإيواء النازحين السوريين لتنظيم وجودهم، وبالتالي وضع حدّ لما يقومون به من أعمال مخلة بالأمن واعتداءات على الناس في عرسال وغيرها، متسائلة عن الأسباب التي تدفع قوى «8 آذار» إلى عدم الموافقة على إقامة مثل هذه المخيمات الموجودة في كل الدول التي يتواجد على أراضيها نازحون سوريون، في حين أن لبنان عاجز عن إيجاد حل لهذه المشكلة التي ترخي بثقلها على الوضع الداخلي، كقنبلة موقوتة يهدد انفجارها بأضرار لا يمكن حصرها إذا استمرت حالة الفلتان قائمة على هذا النحو.
وتشدد المصادر على أنه لا يمكن التساهل مع استمرار الممارسات من جانب المسلحين ضد أهالي عرسال وغيرها من البلدات البقاعية والشمالية، لأن ذلك سيفتح الباب واسعاً أمام حصول صدامات دامية بين اللبنانيين والنازحين، ولذلك ينبغي أن تبادر الحكومة إلى الإسراع في إقامة مخيمات لإيواء هؤلاء النازحين، بصرف النظر عن مواقف قوى «8 آذار»، إذا بقيت رافضة لهذه الخطوة لأنها تريد إبقاء هذا الجرح نازفاً لاستخدام هذه الورقة في الصراع السياسي الداخلي، خدمة لمشروع النظام السوري الذي يريد أن يبقى النازحون عبئاً ثقيلاً على صدور اللبنانيين.